قول السائل:
كنا نعتكف في أحد المساجد في العشر الأواخر من رمضان وكان جماعة من المعتكفين يقومون بشحن البلفونات
( الجوال أو التليفون المحمول )
من كهرباء المسجد فما حكم ذلك؟
الجواب : لفضيلة الدكتور الشيخ
------------------
: حسام الدين عفانة
لا يجوز شحن البلفون ( الجوال ) من كهرباء المسجد
لأن كهرباء المسجد لا يصح أن تستغل في الأمور الشخصية
فلا يجوز لشخص مثلاً أن يمد خطاً من كهرباء المسجد إلى بيته
والأصل عند العلماء أن المال الموقوف يستعمل حسب شرط
الواقف إن كان هنالك شرط له فإن لم يكن له شرط فيستعمل
المال الموقوف حسب ما تعارف الناس عليه وينبغي التنبيه إلى
أن وجود الوصلات الكهربائية التي توصل بها البلفونات
( التليفونات المحمولة ) لشحنها لا يدل على أن الأوقاف قد
أذنت في شحن البلفونات فهذه الوصلات إنما وضعت لخدمة المسجد من استخدام المكنسة الكهربائية أو مكبر الصوت ونحو ذلك ولا يصح القول بأن وجودها إذن للناس باستعمالها. كما أن فتح هذا الباب للناس يعني تحميل المساجد مصاريف عالية ولا
يقولن أحد إن شحن البلفون ليس مكلفاً وعليه أن ينظر إلى كثرة التبلفونات مع الناس.
وبمناسبة الحديث عن التليفون ( التليفون الجوال )
والمسجد أود التذكير ببعض الأمور
:
أولاً: نلاحظ أن مستعملي البلفونات قد زودوها بنغمات موسيقية
فهذا الأمر محرم شرعاً فما بالك عندما تعزف هذه الموسيقى في
المسجد وأثناء الصلاة لا شك أن هذا منكر عظيم وقد قامت الأدلة الصحيحة على تحريم الموسيقى ومنها ما رواه الإمام البخاري في صحيحه قال الإمام البخاري :
[ وقال هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا عطية بن قيس الكلابي حدثني عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري والله ما كذبني سمع النبي يقول : ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ... الخ الحديث ].
وهذا الحديث يدل على تحريم الموسيقى من وجهين ذكرهما الشيخ العلامة الألباني الأول: قول النبي ( يستحلون ) فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة ، فيستحلها أولئك القوم .
الثاني : قرن المعازف مع المقطوع بحرمته وهو الزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة لما قرنها معها. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/144 .والأدلة على تحريم الموسيقى كثيرة وليس هذا محل بحثها.
وبناءً على ما سبق فلا يجوز وضع النغمات الموسيقية على البلفونات ويكتفى بالرنين العادي.
ثانياً: نلاحظ كثرة رنين البلفونات أثناء الصلاة خاصة وفي المسجد بشكل عام على الرغم من اللوحات الإرشادية الموضوعة في المساجد والتي يطلب فيها إيقاف البلفونات عن العمل عند دخول المسجد ولا شك أن رنين البلفون وصدور النغمات الموسيقية فيه تشويش كبير على المصلين ويقطع خشوع المصلين ويتحمل الوزر والإثم حامل البلفون لأنه شوش على المصلين وقطع خشوعهم فلا يجوز لأحد أن يشوش على المصلين وأن يقطع خشوعهم فالتشويش في المسجد على المصلين والتالين لكتاب الله والذاكرين لا يجوز حتى ولو كان ذلك بقراءة القرآن الكريم فقد ورد في الحديث عن أبي سعيد الخدري قال اعتكف رسول الله في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال : ألا إن كلكم مناجٍ ربه فلا يؤذي بعضكم بعضاً ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة ) رواه أبو داوود بإسناد صحيح كما قال الإمام النووي وصححه الشيخ الألباني . وورد في الحديث أن الرسول قال ( إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن ) رواه مالك بسند صحيح قاله الشيخ الألباني .
والمذكور في الحديث رفع الصوت بالقرآن الكريم فما بالك بالنغمات الموسيقية التي تصدرها البلفونات!!
وقد همّ عمر بن الخطاب بتعزير من يرفعون أصواتهم في المسجد فقد روى البخاري عن السائب بن يزيد قال : كنت قائماً في المسجد فحصبني رجل - أي رماني بحصاة - فنظرت فإذا هو عمر بن الخطاب فقال : اذهب فائتني بهذين ، فجئته بهما ، فقال : ممن أنتما ؟ قال : من أهل الطائف ، قال : لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله ؟
وبناءً على ما سبق فيجب على من يحمل البلفون
" التليفون المحمول "أن يوقفه عن العمل عند دخوله المسجد
فإن نسيه شغالاً فرن أثناء الصلاة فينبغي أن يوقفه مباشرة وإن اقتضى ذلك أن يتحرك المصلي في صلاته فإن هذه الحركة مباحة على أقل تقدير إن لم تكن مستحبة نظراً للحاجة حيث إنه يترتب عليها منع ما يشوش على المصلين وقد ثبت في الحديث أن النبي
: ( أمَّ الناس في المسجد فكان إذا قام حمل أمامة بنت زينب وإذا سجد وضعها ) رواه البخاري ومسلم .
كما وأنه يجوز قتل الحية والعقرب في الصلاة وقد أمر النبي بذلك . رواه أصحاب السنن وقال الإمام الترمذي حديث حسن .
فيؤخذ من هذين الحديثين أن الحركة في الصلاة إن كانت لحاجة جائزةٌ ولا تبطل الصلاة أقول هذا مع التأكيد على إغلاق البلفون عند الدخول إلى المسجد فإن نسيه مفتوحاً ورنَّ أثناء الصلاة فيغلقه ولا شيء عليه