بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم اجمعين
أنواع الموت قد كثر في الآونة الأخيرة يختطف الأصحاء والأقوياء الشباب
والفتيات فهو لا يفرق بينهم كثرت سهامه وعظم شانه
فما هو الموت الأبيض؟
ولماذا سمي بالموت الأبيض؟
وهل الموت الأبيض محمود أو مذموم؟
وما الجواب على كل مسلم ومسلمة أن يقوم به استعدادا للموت الأبيض؟
اسمعوا الله يرضى عليكم بقلوبكم وعيونكم وكل جوارحكم
تعلم الموت الابيض فلنستّعد
ما هو الموت الأبيض؟
اعلموا عباد الله أن الموت أنواع عديدة ذكرها العلماء وأهل اللغة
منها الموت الأبيض.
يقول ابن الأَعرابيّ: يُقَال لِلْمَوْتِ الفَجْأَةِ: المَوْتُ الأَبْيَضُ، والجَارِفُ، واللاَّفِتُ، والفَاتِلُ.
يُقَال: لَفَتَهُ الموْتُ، وفَلَتَهُ، وافْتَلَتَهُ، وهو الموْتُ الفَوَاتُ (والفُوَات)
وهو أَخْذَةُ الأَسَفِ، وَهُوَ الوَحِيُّ . والموتُ الأَحْمَرُ: القتلُ بِالسَّيْفِ،
والموتُ الأَسْوَدُ: هو الغَرَقُ والشَّرَقُ،
وفي الحديث: (أَنَّ رَجُلاً أَتاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله
، إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُها، فمَاتَتْ ولم تُوصِ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ فقالَ: نَعَمْ
تعلم الموت الابيض فلنستّعد
قال أَبو عُبَيْدٍ: افتُلِتَتْ نَفْسُها: يَعْنِي ماتَتْ فَجْأَةً ولم تَمْرَضْ فَتُوصِيَ
، ولكنها أُخِذَتْ نَفْسُها فَلْتَةً
عن عبيد بن خالد، رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،
أنه قال في موت الفجأة: "أخذة أسف وأخذة غضب
لأن المصيبة تكون وقعها على الأهل والأصحاب كبيرة فربما
جرهم ذلك إلى السخط وإلى أعمال الجاهلية.
---------
لماذا سمي بالأبيض
للعلماء في ذلك قولان:
1- أنه سمي بالأبيض لأنه لم يكن قبله مرضا يغير لون الإنسان
يقول الدكتور جواد علي: "الموت الأبيض" و"الموت الأحمر". الأبيض الفجأة،
أي ما يأتي فجأة، ولم يكن قبله مرض يغير لونه. والأحمر الموت بالقتل لأجل الدم
القول الثاني أنه سُمي أبيض لأنه خلا من التوبة والوصية
البياض معنى البياض فيه خلوُّة عما يُحدثه من لاُيغافص؛
من توبه واستغفار وقضاء حقُوق لازمة وغير ذلك
---
أقول العلماء في موت الفجأة
القول الأول انهم يكرهون الموت الأبيض:
فها هو الإمام الأحمد - رحمه الله - يكره موت الفوات.
فقد روي عن الإمام أحمد قال: ((أكره موت الفوات))
، وورد في ذلك حديثنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكنه ضعيف
.
-----------
والعلة في الكراهية الخوف حرمان الوصية، وفوات الاستعداد للمعاد بالتوبة
وغيرها من الأعمال الصالحة.
قال ابن بطال: وكان ذلك والله أعلم لما في موت الفجاءة من خوف حرمان الوصية،
وترك الاستعداد للمعاد بالتوبة[5].
وذلك لأن الإنسان في صحته يأمل حياة طويلة، ويتهاون بكتابة الوصية وما له وما عليه
ويتهاون فى التوبة والرجوع الى الله حتى ينجو من عذاب ساحق
-------------
القول الثاني: الموت الأبيض راحة للمؤمن:
وذلك الأن المسلم يستريح من عناء الدنيا ويخرج من سجنها
عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: سألت عائشة عن موت الفجأة، أيكره؟
قالت: لأي شيء يكره؟ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن ذلك فقال: "راحة للمؤمن وأخذ أسف للفاجر".
(موت الفجأة راحة للمؤمن) أي المتأهب للموت المراقب له فهو غير مكروه في حقه
بخلاف من هو على غير استعداد منه كما أشار إليه بقوله (وأخذة أسف للفاجر)
أي الكافر أو الفاسق لما ذكر
وقد مات إبراهيم الخليل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بلا مرض
كما بينه جمع وقال ابن السكن الهجري توفي إبراهيم وداود وسليمان عليهم السلام
فجأة قال: وكذلك الصالحون وهو تخفيف عن المؤمن.
------------
قال النووي في تهذيبه -
هو تخفيف إلا لمن ليس مستعدا للموت لكونه مثقل الظهر[10].
صور موت الأبيض:
كثرت في الآونة الأخيرة تلك الظاهرة الموت فجأة وله صور عديدة نذكر منها:
بالسكتة القلبية، بأن تتوقف حركة القلب، ويحصل بعدها الموت في تلك اللحظة
الحوادث المرورية للسيارات، والتي يحصل بسببها موت العديد من أفراد وجماعات
ومن صور موت الفجأة ما يحصل بالقتال مع اللصوص والصائلين وقطاع الطرق،
----------
الموت الأبيض من علامات الساعة:
أن الموت الأبيض من علامات الساعة كما اخبر بذلك النبي – صلى الله عليه وسلم
فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة، أن يرى الهلال لليلة، فيقال: هو ابن ليلتين
، وأن تتخذ المساجد طرقا، وأن يظهر موت الفجأة
----------
التحذير من الغفلة الاغترار بطول الأمل
جعل الله سبحانه وتعالى الغفلة سببًا من أسباب الحسرة والندامة يوم القيامة،
يقول تعالى:
﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [مريم: 39].
وبيَّن أنها سبب نسيان الآخرة وسبب الاغترار بالدنيا،
قال تعالى: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ *
مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾
لا تحسبن الله تعالى غافلا عن فعلك وقولك أيها المذنب بل إن ذلك من الإمهال:
اعلموا أن الذي يحول بينكم وبين التوبة إنما هو طول الأمل إن الموت قريب،
والعمر مهما طال فهو قصير، والدنيا مهما عظمت فهي حقيرة،
فاختر لنفسك النهاية التي تتمناها.
أن الذي حال بين الناس وبين التوبة والصدق فيها هو طول الأمل،
ومن أطال الأمل أساء العمل
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾ [الانفطار: 6]
قال الحسن رحمه الله: "إن قومًا ألهتهم الأمانيُّ بالمغفرة،
حتى خرجوا من الدنيا وما لهم حسنة،
يقول أحدهم: إني أحسن الظن بربي، وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل"
قال سعيد بن جبير: "الغِرَّة بالله أن يتمادى الرجل بالمعصية، ويتمنى على الله المغفرة
تعلم الموت الابيض فلنستّعد
دخل المزني على الشافعي رحمه الله في مرضه الذي مات فيه
فقال: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟!
فقال: أصبحت عن الدنيا راحلاً، وللإخوان مفارقاً، ولسوء عملي ملاقياً،
ولكأس المنية شارباً، وعلى ربي سبحانه وتعالى وارداً،
ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنئها، أو إلى النار فأعزيها؟
نودِّعُ الأموات. والقلوب أموات!
نودِّع الأموات. ولا عبرة ولا عظَات!
نودِّعُ الأموات. ولا سؤال: أين القرار في النِّيران أو الجنَّات؟!
نودِّعُ الأموات. وها نحن قبل الممات أموات!