إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له
ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
السؤالفضيلة الشيخ :
أنا شاب عمري عشرون سنة لقد كثر بين زملائي- وهم في مثل سني - الحديث عن المهدي وخروجه، بل منهم من زعم أنه حي وأنه.. وأنه ... فكيف يعرف المهدي بأنه هو وما هي صفاته؟ وهل هذا زمانه؟ وهل وردت أحاديث عنه في الصحيحين؟ وهل أحد من العلماء أنكر خروجه ؟
جزاكم الله خيرا
الجوابالحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد .
فالحديث عن المهدي يطول جداً، وقد ألفت فيه مصنفات، ولكن ألخص القول في هذا المقام في النقاط الآتية :
أولاً: المهدي الذي تسأل عنه وردت به بعض الأحاديث، وليس شيء منها في الصحيحين، ولكنها في السنن، والمسانيد.
ثانياً: لا أعلم عن أحد من المتقدمين من أهل العلم من أنكر ظهور المهدي ـ مع كثرة المناسبات التي تدعو إلى ذكره ـ ولم أر إنكاره إلا عن بعض المعاصرين، وكفى بهذا دليلاً عملياً على ثبوته عندهم، بل ادعى بعض العلماء أن الأحاديث فيه من قبيل المتواتر، والصحيح أن الأحاديث بمجموعها دالةٌ على ثبوته، ولا تبلغ حدّ التواتر.
والمقام يضيق عن ذكر الأئمة الذين صرحوا أو قاربوا التصريح بثبوت الأحاديث في هذا الباب، ومن أشهرهم: الإمام الجبل سفيان الثوري، والقرطبي في "التذكرة"، والمزي، وابن القيم، وابن حجر وغيرهم من الحفاظ.
ثالثاً: دلّت الأحاديث الواردة في شأن المهدي أنه من ولد الحسن بن عليّ رضي الله عنهما، يقول ابن القيم: "وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف، وهو أن الحسن رضي الله تعالى عنه ترك الخلافة لله، فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحق المتضمن للعدل، الذي يملأ الأرض، وهذه سنة الله في عباده: أنه من ترك لأجله شيئا أعطاه الله أو أعطى ذريته أفضل منه" انتهى.
رابعاً : مجموع صفات المهدي الذي وردت به الأحاديث، كثيرة، من أشهرها ما يلي:
1 ـ أن اسمه واسم أبيه يواطئ اسم النبي _صلى الله عليه وسلم_ واسم أبيه، أي أن اسمه: محمد بن عبد الله.
2 ـ أنه من آل بيت النبي _صلى الله عليه وسلم_.
3 ـ أنه يخرج في آخر الزمان، فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً. وهناك صفات أخرى تحتاج إلى بحث أحاديثها؛ للتأكد من ثبوتها.
أما سؤالك: هل هذا زمانه؟ فهذا ما لا أملك الإجابة عليه، فالله أعلم.
والشأن - بارك الله فيك - أن تجتهد في نفع الإسلام، بإصلاح نفسك، ثم إصلاح ما حولك ولا يضرك بعد ذلك شيء، فإن هذا دأب العلماء والعقلاء، ولا أرى أن تنشغل بتتبع جذور هذا الموضوع ـ وأنت في مقتبل العمر ـ بل اشتغل فيما ينفعك في عاجل أمرك وآجله، وفقك الله وسدد خطاك، ونفع بك الأمة.
والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.