إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له
ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
السؤال ما حكم الذبح عن الميت حين وفاته بقصد عمل وليمة للصدقة على هذا الميت، كما هي العادة عندنا؟
الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فلا يشرع للمسلم صنع وليمة لميته، لا بالذبح ولا بغيره، ولكن إذا مات الميت شرع لأقارب الميت وجيرانه أن يصنعوا لأهل الميت طعاما .
أما أهل الميت فلا يصنعون طعاما، ولا يذبحون ذبيحة من أجل الميت ، ولا يجمعون الناس عليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم « لما أتاه نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حين قتل في الشام في غزوة مؤتة أمر أهل بيته أن يصنعوا لأهل جعفر طعاما، وقال: اصنعوا لأهل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم » (الترمذي 998) .
فالسنة أن يصنع لأهل الميت طعام من جيرانهم أو أقاربهم للحديث المذكور.
وأما كون أهل الميت يصنعون الطعام ويجمعون الجيران فهذا لا يصلح، بل هو من البدع، ومن المآتم المنكرة، قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: « كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة » ( ابن ماجه 1612).
فأخبر جرير رضي الله عنه أنهم كانوا يعدون اجتماع الناس لأهل الميت، وصنعة الطعام من أهل الميت للناس، كانوا يعدون هذا من النياحة، يعني يعده الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فدل ذلك على أن أهل الميت لا يصنعون طعاما للناس، ولا يجمعونهم، ولكن يستحب لجيرانهم أو أقاربهم أن يبعثوا لهم طعاما لكونهم مشغولين بالمصيبة.
وأما من ذبح ذبيحة لأجل الصدقة بها عن الميت على الفقراء والمساكين فلا حرج في ذلك، لكن لا تكون في وقت مخصوص، ولا يجمع لها أحد، بل تذبح ويوزع لحمها على الفقراء والمساكين صدقة في أي وقت كان، ليس لها وقت مخصوص، وليس لها خصوصية بيوم الموت، بل متى فعلها في أي وقت لقصد مواساة الفقراء، أو إعطائهم نقودا أو ملابس أو طعاما، فكل هذا نافع للميت، ويؤجر عليه فاعله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذا، قال له رجل: « يا رسول الله إن أمي ماتت ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم » (البخاري 1322) .
فالصدقة عن الميت نافعة له بإجماع المسلمين، لكن ينبغي أن تكون في غير وقت الموت حتى لا يتخذ ذلك سنة وعادة، بل يوزعها في أوقات أخرى بين الفقراء من غير تخصيص وقت معين، لا يوم الموت، ولا يوم سابع الموت، ولا يوم أربعين الموت، فلا يكون له خصوصية، أما ما يفعله بعض الناس من إيجاد مأتم، في اليوم الأول، أو في السابع، أو في الأربعين، ويجمعون فيها الناس، ويذبحون فيها الغنم أو غيرها، فهذا شيء لا أصل له بل هو من البدع فلا يجوز.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.