إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له
ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
سؤال:
ما تفسير الإسلام لحقيقة الموت؟
الجواب:
يرى الإسلام أن الموت حقيقته انتقال من دار إلى دار ، انتقال من دار الدنيا إلى الدار الآخرة ، من دار الفناء إلى دار البقاء فهو ينتقل من الحياة البشرية الإنسانية إلى الحياة الروحانية البرزخية والتى يتأهل فيها لينتقل بعدها إلى حياة الخلود الأخروية وذلك في قوله تعالى {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً{21} وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً{22} وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى{23} يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي{24} الفجر
فوصف الآخرة هنا بأنها الحياة ويتأكد ذلك أيضا في قوله تعالى {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} العنكبوت64
والحيوان أي الحياة الحقة ، فالموت في الإسلام بمثابة نومة كبرى تضاهي وتشبه النوم كل ليلة فهي الموتة الصغرى وذلك ما عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله {والَّذِي نَفْسٍى بِيَدِهِ لتَمُوتُنَّ كَمَا تَنَامُون وَلَتُبْعَثُنَّ كَمَا تَسْتَيْقِظُون}[1]
وجمع القرآن الموتتين والنومتين الصغرى والكبرى في قوله عزشأنه {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} الزمر42
فالموت حياة للروح وللحقائق الباطنية ما عدا النفس والجسد اللذان هما وسيلة الإتصال والإستمتاع بالحياة الظاهرية الدنيوية ، أما الحياة الأخروية فيستمتع المرء بها ويتذوق حلاوتها بحقائقه الباطنية التى منها الروح والسر والخفى والأخفى والقلب الحقيقي الذي هو صورة الإنسان الحقيقي
وقد قال في ذلك الإمام الغزالي رضي الله عنه عند موته لمن كان يبكي على فراقه من إخوانه :
ألا قل لإخوانٍ يروني ميتاً
ليس والله بالميت أنــا
أنا عصفور وهذا قفصي
طرت منه إلى دار الهنا
لا ترعكم هجمة الموت فما
هو إلا نقلة من هاهنـا