أميمة بنت خلف رضي الله عنها
رغم عدم ذكر كتب التاريخ الاسلامي كثيرا عن الصحابية الجليلة أميمة بنت خلف بن أسعد الخزاعية إلا أنها كانت نموذجًا يحتذى في الدفاع عن الاسلام وعن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لها كثير من المواقف التي توضح بجلاء عظيم قدرها واخلاصها في حب الاسلام، وإيمانها الخالص بالله – عز وجل- ورسوله صلى الله عليه وسلم.
كانت امرأة بسيطة لا تتعدى شهرتها منزلها أو أهلها، وقد هبطت عليها البركة بعد إسلامها وإيمانها بدعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى غدت بذلك إحدى شهيرات النساء في الإسلام..
وكانت لزوجها الصحابي الجليل خالد بن سعيد بن العاص نعم الزوجة الصابرة المحتسبة ، حيث وقفت إلى جواره وأعانته على تحمل الصعاب وقهر الشدائد..
قصة إسلامهاأسلمت أميمة بنت خلف بعدما رأى زوجها خالد بن سعيد بن العاص في منامه أنه واقف على شفير النار، فذكر من سعتها ما الله به أعلم، ورأى في النوم كأن أباه يدفعه فيها، كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذاً بحقويه لئلا يقع ، ففزع من نومه فقال: أحلف بالله إن هذه الرؤيا حق، فلقي أبا بكر رضي الله عنه، فذكر ذلك له فقال أبو بكر: أريد بك خير ، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم – فاتبعه، فإنك ستتبعه وتدخل معه في الإسلام الذي يحجزك من من تقع فيها، وأسلم خالد وحسن إسلامه، ودعا زوجه "أميمة" إلى الإسلام فأسلمت كذلك.
وعندما علم أبوه بإسلامه فأرسل في طلبه من بقي من ولده ولم يسلم، فوجدوه فأتوا به إلى أبيه أبي أحيحة، فأنبه وبكته وضربه بمقرعة في يده حتى كسرها على رأسه، ثم قال: أتبعت محمداً وأنت ترى خلافه قومه، وما جاء به من عيب آلهتهم وعيب من مضى من آبائهم؟ فقال خالد: قد صدق والله اتبعته. فغضب أبو أحيحة ونال من ابنه وشتمه، ثم قال: اذهب يا لكع حيث شئت فوالله لأمنعنك القوت، فقال خالد: إن منعتني فإن الله يرزقني ما أعيش به. فأخرجه وقال لبنيه: لا يكلمه أحد منكم إلا صنعت به ما صنعت به. فانصرف خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هجرتهاوحينما اشتد أذى المشركين برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته ممن دخلوا في الاسلام مبكرا، قرر الرسول صلى الله عليه وسلم من يقي هؤلاء الصحابة عذاب الكفار، فأمرهم بالهجرة إلى أرض الحبشة حيث يوجد بها ملك عادل لا يظلم عنده أحد، وكانت أميمة بنت خلف وزوجها ممن هاجروا مع صحابة رسول الله إلى الحبشة..
وهناك أنجبت أميمة لزوجها خالد ابنه سعيد بن خالد، وبعد ذلك أنجبت له ابنته أمة بنت خالد التي اشتهرت بكنيتها فيما بعد أم خالد بنت خالد.
ومكثت أميمة مع زوجها في أرض الحبشة حتى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري، فحملهم في سفينتين، وقد فرحت أميمة بنت خلف بلقاء الرسول صلى الله عليه وسلم بعد غيبة طويلة.
وذكر ابن إسحاق في سيرته من المهاجرين إلى الحبشة كانوا ثلاثة وثمانين رجلا وثماني عشرة امرأة، وأكثرهم قرشيون من اشراف بطون قريش..
وكان من بينهم أميمة بنت خلف بن أسعد بن عامر الخزاعية وزوجها خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
وكان لأميمة بنت خلف بن أسعد دور كبير في نصرة الاسلام وإعلاء كلمة الحق والدين، حيث صبرت مع زوجها على تعذيب الكفار لهما، وعندما أمرهما الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة امتثلا لطلبه من أجل نشر دعوة الاسلام في شتى بقاع الارض.
وظلت أميمة بنت خلف وزوجها خالد مع طفليهما بأرض الحبشة حتى عام فتح خيبر في السابع من الهجرة، فعادت إلى المدينة مع المهاجرين، وعاشت وزوجها وطفلاهما بالقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان زوجها كاتبا للوحي وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميرًا على بلاد اليمن.
تربيتها لابنيهاوالثابت من أميمة بنت خلف ربت ابنها وابنتها على الإيمان والصدق، فكانت ابنتها أمة بنت خالد من الراويات لاحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وعاشت الابنة البارة مع أبويها أكثر من عشر سنوات فى الحبشة وكان الابن من المدافعين عن الاسلام والرافعين لراية الحق والدين.
وانتقلت أميمة بنت خلف بعد قدومها من الحبشة لتعيش في المدينة المنورة وتشاهد وتسمع وترى الاحداث المهمة في الاسلام وتسعد بأن تكون
إحدى الصحابيات المؤمنات اللاتي شاهدن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعن منه.
ومكثت أميمة بنت خلف بن أسعد مع زوجها خالد إلى زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قتل زوجها فى معركة مرج الصفر في المحرم سنة أربع عشرة، وعلمت أميمة رضي الله عنها بوفاة زوجها فصبرت واحتسبت، فكيف لا تفعل ذلك وقد قال الذي قتل خالد بعد من أسلم :
من هذا الرجل؟ فإني رأيت نورا ساطعا إلى السماء.
ولم تذكر كتب التاريخ يوم وفاتها، فرضي الله عن أميمة بنت خلف ورحمها وأسكنها فسيح جناته.