السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه أجمعين
بركات من السماء
أخرج الديلمي في الفردوس والسيوطي في جمع الجوامع. وابن كثير في الكافي الشافي في تخريج أحاديث الكشاف. والعجلوني في كشف الخفاء كما روي القرطبي في تفسيره حديثا لرسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول فيه:
" إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلي الأرض:
الحديد والنار والماء والملح "
علي الرغم من وجود ضعف في إسناد الحديث إلا أن به سبقا علميا معجزا. والذين سمعوا هذا الحديث الشريف فهموا إنزال كل من النار. والماء. والملح من السماء إلي الأرض. ولكنهم لم يستطيعوا - في زمانهم - استيعاب فكرة إنزال الحديد من السماء إلي الأرض. علي الرغم من وجود إشارة واضحة إليها في كتاب الله حيث يقول "عز من قائل" : " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس " الحديد : 25
وعلي ذلك فإن أغلب الذين تعرضوا لشرح كل من هذه الآية القرآنية الكريمة. والحديث النبوي الشريف فسروا "الإنزال" بأنه كناية عن خلق وإيجاد عنصر الحديد.
ولكن في العقود المتأخرة من القرن العشرين اتجه علماء الفلك والفيزياء الفلكية إلي دراسة التركيب الكيميائي للجزء المدرك من الكون ففوجئوا بأن العنصر الغالب فيه هو غاز الأيدروجين "أخف العناصر. وأبسطها بناء" الذي يكون أكثر من 74% من مادة الكون المنظور. ويليه في الكثرة غاز الهيليوم "العنصر الثاني في الجدول الدوري للعناصر" والذي يكون 24% من مادة الكون المنظور وأن باقي 105 عناصر تعرف عليها الإنسان والتي يقدر عددها اليوم بمائة وخمسة عناصر تكون أقل من 2% من مادة الكون المنظور هذه الملاحظة أدت إلي الاستنتاج المنطقي أن كافة العناصر المعروفة لنا قد خلقت من غاز الأيدروجين بتكثفه علي ذاته. واتحاد نوي ذراته مع بعضها البعض.
وبالنظر في الشمس ثبت أن وقودها غاز الأيدروجين الذي تتحد نوي ذراته مع بعضها البعض لتكون نوي ذرات الهيليوم وتنطلق الطاقة الهائلة التي أعطت الشمس حرارة تقدر بحوالي 15 مليون درجة مئوية ولسطحها ستة آلاف درجة مئوية. ولألسنة اللهب المندفعة من داخلها حوالي المليون درجة مئوية. وثبت أيضا أن عملية الاندماج النووي في قلب الشمس لا تصل أبدا إلي إنتاج أية عناصر ثقيلة فضلا عن إنتاج الحديد. فلا يتكون في داخل الشمس بهذه العملية سوي الهيليوم ونسب ضئيلة من العناصر القليلة التي تلي هذا الغاز في الجدول الدوري للعناصر.
وهنا برز التساؤل: من أين جاءت الكمية الهائلة من حديد الأرض؟ والتي تفوق ثلث كتلة الأرض المقدرة بحوالي ستة آلاف مليون مليون مليون طن "أي 6*1810*35.9%½2.154*1810 طنا من الحديد"؟ بالدراسة المستفيضة ثبت أن النجوم تمر بمراحل عدة من تاريخ حياتها منها مراحل تتوهج فيها توهجا شديدا فتعرف باسم المستعرات والمستعرات العظمي. وأن درجة حرارة لب النجوم في تلك المرحلة تتعدي عشرات البلايين من الدرجات المطلقة. وأن لب هذه المستعرات والمستعرات العظمي هي الأماكن الوحيدة المعروفة لنا في صفحة الجزء المدرك من الكون التي تتم فيها عملية الاندماج النووي حتي يتحول النجم بالكامل إلي حديد. وبتحوله إلي حديد يستهلك طاقة النجم بالكامل فينفجر وتتناثر أشلاؤه في صفحة الكون. وبذلك يصل الحديد إلي عدد من أجرام السماء من مثل كوكب الأرض. تماما كما تصلنا نيازك الحديد اليوم هذه الملاحظة الصحيحة قادت إلي التطور الصحيح أن الأرض عند انفصالها عن الشمس "أو عن السحابة الكونية التي نشأت عنها مجموعتنا الشمسية" لم تكن سوي كومة من الرماد ليس فيها عناصر أعلي من الألومنيوم والسيليكون. ثم رجمت بوابل من النيازك الحديدية. والصخرية. والحديدية الصخرية. التي تحركت بحكم كثافتها الأعلي من كثافة الأرض الابتدائية "كومة الرماد" فتحركت إلي مركز تلك الكومة حيث انصهرت بحرارة الاستقرار وصهرت كومة الرماد. ومايزتها إلي سبع أرضين لب صلب "أغلبه الحديد 90%. والنيكل 9%. وعناصر أخري 1%" ولب سائل "له نفس التركيب الكيميائي". ثلاثة أوشحة متتالية تتناقص فيها نسبة الحديد من الداخل إلي الخارج. ثم الجزء السفلي من الغلاف الصخري للأرض. ويليه إلي الخارج الجزء العلوي من الغلاف الصخري للأرض "قشرة الأرض وبها 5.6% حديد".
بهذه الملاحظات ثبت أن كل حديد الأرض قد أنزل إليها إنزالا حقيقيا من السماء تصديقا ًلما جاء في كتاب الله. وفي هذه الحديث الذي نحن بصدده من أقوال رسول الله - صلي الله عليه وسلم.
ولولا حديد الأرض ما كان لها هذا المجال المغناطيسي الذي يمسك بغلافها الغازي والمائي. وبكافة صور الحياة علي سطحها. ولو لم ينزل الحديد إلي الأرض من السماء ما كانت الحياة. لأن الحديد يشكل جزءا مهما من المادة الحمراء في دم الإنسان. وفي دماء العديد من الحيوانات. ما يشكل جزءا مهما كذلك من المادة الخضراء والتي بدونها ما كانت النباتات.
ويعجب الإنسان من هذه الإشارة العلمية الدقيقة.. إنزال الحديد إلي الأرض من السماء في كل من كتاب الله. وفي هذا الحديث من أحاديث رسول الله - صلي الله عليه وسلم - من قبل ألف وأربعمائة سنة. وهي حقيقة لم يتوصل إليها الإنسان إلا منذ عشرات قليلة من السنين. وهي شهادة حق علي أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق. وأن هذا النبي الخاتم - صلي الله عليه وسلم - كان موصولا ًبالوحي. ومعلما ًمن قِبَلْ خالق السماوات والأرض...
__________________
اللهم أصلح لى دينيّ الذى هو عصمـة أمريّوأصلح لى دنيا ييّ التى فيها معـــــــــا شيّوأصلح لى آخرتيّ التى اليهــا معــــــــــاديّ