البدع التي أحدثت في شهر محرم
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة و السّلام على رسولنا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .
بدعة الحزن في شهر محرم عند الرافضة
في
اليوم العاشر من شهر محرم، وهو اليوم الذي عرف بـ( عاشوراء) أكرم الله
سبحانه وتعالى الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - بالشهادة ،
وذلك سنة 61هـ ، وكانت شهادته مما رفع الله بها منزلته ، وأعلى درجته ،
فإنه هو وأخوه الحسن سيد ا شباب أهل الجنة ، والمنازل العالية لا تنال إلا
بالبلاء، كما قال صلى الله عليه وسلم لما سُئِل : أي الناس أشد بلاءً؟ فقال
: ((الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل: يبتلى الرجل على حسب دينه ،
فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه ، وإن كان في دينه رقّة خفف عنه ، ولا
يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض ، وليس عليه خطيئة )) .
فكان
الحسن والحسين-رضي الله عنهما- قد سبق لهما من الله سبحانه وتعالى ما سبق
من المنزلة العالية، ولم يكن قد حصل لهما من البلاء ما حصل لسلفهما الطيب،
فإنهما ولدا في عز الإسلام، وتربيا في عز وكرامة، والمسلمون يعظمونهما
ويكرمونهما، ومات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستكملا سن التمييز، فكانت
نعمة الله عليهما أن ابتلاهما بما يلحقها بأهل بيتهما، كما ابتلي من كان
أفضل منهما، فإن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أفضل منهما وقد قُتِلَ
شهيداً ، وكان مقتل الحسين مما ثارت به الفتن بين الناس،كما كان مقتل عثمان
بن عفان-رضي الله عنه– من أعظم الأسباب التي أوجبت الفتن، وبسببه تفرقت
الأمة إلى اليوم.
فلما قتل عبد الرحمن بن ملجم أمير المؤمنين على بن
أبي طالب-رضي الله عنه- وبايع الصحابة للحسن ابنه الذي قال فيه صلى الله
عليه وسلم: ((إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من
المسلمين)) . فنزل عن الولاية ، وأصلح الله به بين الطائفتين ، ثم إنه
مات-رضي الله عنه - ، وقامت طوائف كاتبوا الحسين ووعدوه بالنصر والمعاونة
إذا قام بالأمر، ولم يكونوا من أهل ذلك، بل لما أرسل إليهم ابن عمه أخلفوا
وعده، ونقضوا عهده ، وأعانوا عليه من عدوه أن يدفعوه عنه ، ويقاتلوه معه.
وكان
أهل الرأي والمحبة للحسين كابن عباس وابن عمر وغيرهما، قد أشاروا عليه بأن
لا يذهب إليهم، ولا يقبل منهم، ورأوا أن خروجه إليهم ليس بمصلحة ، ولا
يترتب عليه ما يسر ، وكان الأمر كما قالوا ، وكان أمر الله قدراً مقدوراً .
فلما
خرج الحسين- رضي الله عنه-ورأى أن الأمور قد تغيرت ، طلب منهم أن يدعوه
يراجع ، أو يلحق ببعض الثغور ، أو يلحق بابن عمه يزيد ، فمنعوه هذا وهذا ،
حتى يستأسر ، وقاتلوه ، فقاتلهم فقتلوه ، وطائفة ممن معه ، مظلوماً شهيداً
شهادة أكرمه الله بها ، وألحقه بأهل بيته الطيبين الطاهرين ، وأهان بها من
ظلمه ،واعتدى عليه.
فأوجب ذلك شراً بين الناس ، فصارت طائفة جاهلة ظالمة
: إمَّا ملحدة منافقة ، وإما ضالَّة غاوية ، تظهر موالاته وموالاة أهل
بيته ، تتخذ يوم عاشوراء يوم مأتم وحزن ونياحة ، وتظهر فيه شعار الجاهلية ،
من لطم الخدود ، وشق الجيوب ، والتعزي بعزاء الجاهلية .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وصار الشيطان بسبب قتل الحسين – رضي الله عنه- يحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء
، من اللطم والصراخ ، والبكاء ، والعطش ، وإنشاء المراثي، وما يفضي إلى
ذلك من سبّ السلف ولعنهم، وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب ، حتى يسب
السابقون الأولون ، وتقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها كذب ، وكان قصد من سن
ذلك ، فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة ، فإن هذا ليس واجباً ولا مستحباً
باتفاق المسلمين ، بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة ، من أعظم ما
حرمه الله ورسوله ).ا.هـ .
وهذا مخالف لشرع الله ؛ فالذي أمر به
الله ورسوله في المصيبة- إن كانت جديدة-إنَّما هو الصبر،والاسترجاع
والاحتساب ، كما قال تعالى:{....وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ *الَّذِينَ إِذَا
أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} .
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب ، ودعا بدعوى الجاهلية)) .
وقال
صلى الله عليه وسلم : (( أنا برئ من الصالقة والحالقة والشاقة )) . وقال
صلى الله عليه وسلم :(( النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة ،
وعليها سربال من قطران ودرع من جرب )) .
وفي الصحيح عن النبي صلى
الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يصاب بمصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه
راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي ، واخلف له خيراً منها )) . إلا آجره الله
في مصيبته وأخلفه خيراً منها .
فكيف
إذا انظم إلى ذلك ظلم المؤمنين ، ولعنهم وسبهم ، وإعانة أهل الشقاق
والإلحاد على ما يقصدونه في الدين من الفساد ، وغير ذلك مما لا يحصيه إلا
الله تعالى .
فكان ما زينه الشيطان لأهل الضلال والغي ، من اتخاذ
يوم عاشوراء مأتماً ، وما يصنعون فيه من الندب والنياحة ، وإنشاء قصائد
الحزن ، ورواية الأخبار التي فيها كذب كثير، والصدق فيها ليس فيه إلا تجديد
الحزن والتعصب، وإثارة الشحناء والحرب، وإلقاء الفتن بين أهل الإسلام
والتوسل بذلك إلى سب السابقين الأولين ، وكثرة الكذب والفتن في الدين .
ولم
يعرف المسلمين أكثر كذباً وفتناً، ومعاونة للكفار على أهل الإسلام من هذه
الطائفة الضالة الغاوية، فإنهم شر من الخوارج المارقين وأولئك قال فيهم
النبي صلى الله عليه وسلم : (( يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان )) .
وهؤلاء يعانون اليهود والنصارى والمشركين على أهل بيت النبي صلى الله عليه
وسلم ، وأمته المؤمنين كما أعانوا المشركين من أعداء الإسلام على ما فعلوه
ببغداد وغيرها ، بأهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ولد العباس بن عبد
المطلب ، وغيرهم من أهل البيت والمؤمنين ، من القتل والسبي وخراب الديار ،
وشر هؤلاء وضررهم على أهل الإسلام لا يحصيه الرجل الفصيح في الكلام .
وهذه الطائفة هم الرافضة :
الذين اشتهروا دون غيرهم من الطوائف بسبِّ الخليفتين الراشدين أبي بكر
وعمر – رضي الله عنهما-ولعنهما وبغضهما وتكفيرهما-والعياذ بالله ، ولهذا
قيل للإمام أحمد : من الرافضي ؟ قال:( الذي يسبّ أبا بكر وعمر ) .
وأما في الوقت الحاضر :
فيستقبل بعض المنتسبين إلى الإسلام في بعض البلدان شهر محرم بالحزن والهم
والخرافات والأباطيل ؛ فيصنعون ضريحاً من الخشب ، مزيناً بالأوراق الملونة
ويسمونه ضريح الحسين ، أو كربلاء ، ويجعلون فيه قبرين ، ويطلقون عليه اسم (
التعزية ) ، ويجتمع أطفال بملابس وردية أو خضر، ويسمونهم فقراء الحسين .
وفي
اليوم الأول من شهر تكنس البيوت وتغسل وتنظف ، ثم يوضع الطعام ، وتقرأ
عليه فاتحة الكتاب ، وأوائل البقرة ، وسورة الكافرون ، والإخلاص ، والفلق ،
والناس . ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ويوهب ثواب الطعام للموتى .
وفي
خلال هذا الشهر تمنع الزينة ، فتضع النساء زينتهن ، ولا يأكل الناس اللحوم
، ولا يقيمون ولائم الأفراح، بل ولا يتم فيه عقود الزواج ، وتمنع الزوجة
من زوجها إن كان لم يمض على زواجهما أكثر من شهرين ، ويكثر ضرب الوجوه
والصدور ، وشق الجيوب والنياحة ، ويبدأ اللعن على معاوية وأصحابه ويزيد
وسائر الصحابة .
وفي العشر الأول من الشهر: تشعل النيران ، ويتواثب
الناس عليها ، والأطفال يطوفون الطرقات ، ويصيحون : يا حسين يا حسين . وكل
من يولد في هذا الشهر يعتبر شؤماً سيئ الطالع ، وفي بعض المناطق تدق الطبول
والدفوف ، وتصدح الموسيقى وتنشر الرايات ، وينصب الضريح ويمر الرجال
والنساء والصبيان من تحته، يتمسحون بالرايات ويتبركون، معتقدين أنهم بذلك
لا يصيبهم مرض وتطوع أعمارهم .
وفي بعض البلدان يخرج الناس في ليلة عاشوراء معصبين عيني الرجل يطوفون الطرقات ، فإذا ما قاربت الشمس على البزوغ عادوا إلى بيوتهم .
وفي
يوم عاشوراء تطهى أطعمة خاصة ، ويخرج أهل القرى والمدائن إلى مكان خاص
يسمونه (كربلاء) فيطوفون حول الضريح الذي يقيمونه ويتبركون بالرايات وتدق
الطبول وتضرع الدفوف، فإذا غربت الشمس دفن هذا الضريح ، أو ألقي في الماء ،
وعاد الناس إلى بيوتهم ، ويجلس بعض الناس على الطرقات بمشروبات
يسمونها(السلسبيل)، ويسقونها للناس بدون مقابل ، ويجلس بعض الوعاظ في
الأيام العشر الأول فيذكرون محاسن الحسين، ومساوئ ينسبونها لمعاوية،ويزيد،
ويصبون عليها وعلى أصحابها اللعنات.
ويروون في فضل عاشوراء وشهر المحرم أحاديث موضوعة وضعيفة وروايات مكذوبة .
وبعد
أربعين يوماً من عاشوراء ، يحتفلون يوماً واحداً يسمونه الأربعين : يجمعون
فيه الأموال ، ويشترون بها أطعمة خاصة يدعون الناس إليها .
وهذه البدع تعمل في الهند والباكستان ، وفي البلدان التي يقطنها الشيعة ولاسيما إيران والعراق والبحرين .
وإقامتهم
لحفلات العزاء والنياحة والجزع ، وتصوير الصور، وضرب الصدور، وما أشبه ذلك
مما يصدر منهم في يوم عاشوراء وما قبله من شهر محرم، إنما يعتقدون بذلك
القربة إلى الله وتكفير السيئات والذنوب التي صدرت منهم في السنة كلها، ولم
يعلموا أن فعلهم هذا مما يوجب الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى .
وصدق
الله تعالى القائل في محكم كتابه :{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ
فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ......} .
وقال عز
وجل من قائل :{ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً
*الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ
أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} .