هل أنت رجل بحــق؟
عذرًا أيها الحبيب .. فقد يكون السؤال ثقيلاً نوعًا ما، ولكن هذه هي الحقيقة ..
ما هو معيار الرجولة عندك، وكيف تقيسها من وجه نظرك ..؟
ما هي الرجولة في قاموس فهمك ..؟
هل الرجولة في الاهتمام بالملبس والمظهر، والوقوف أمام المرأة لتصفيف شعرك ..؟
هل هي في ملاحقة الطاهرات العفيفات، ورمي الأرقام، والأحاديث الوردية في آخر الليل..؟
هل الرجولة في سماع الأغاني ورفع صوت جهاز التسجيل والتراقص ..؟
هل الرجولة في والتهور ..؟
هل هي في تقليب القنوات والنظر إلى ما حرم الله ..؟
هل هي في السفر إلى بلاد العهر والضلال والتبجح بالحديث عن المغامرات والموبقات..؟
اسمع أين هي الرجولة ؟ في ماذا تكون؟
لا أحكم بها أنا ولا أنت .. بل هي حكم أحكم الحاكمين سبحانه فِى بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوّ وَٱلاْصَالِ رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـٰرَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَاء ٱلزَّكَـوٰةِ يَخَـٰفُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلاْبْصَـٰرُ [النور:36-37].
يا حبيبــي .. أيسرك أن تقبض روحك وأنت تقلب قنوات الفضاء ..؟!
أترضى أن يفاجئك ملك الموت وأنت ممسك بسماعة هاتفك تخاطب فتاة وتغرر بها ..؟!
ماذا لو أتاك الموت وأنت تسمع الغناء .. وأنت ترقص .. وأنت ترى فلمًا أو تنظر في مجلة..؟!
ماذا لو نزل بساحتك ويراعك تسطر رسالة الحب والغرام إلى عشيقة أو عشيق ..؟
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَنَادَىٰ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ _ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُواْ بِـئَايَـٰتِنَا يَجْحَدُونَ [الأعراف:50-51].
أيها الأخ المبارك .. يا أمل الأمة ويا كنزها الغالي:
هل أنت راضٍ عن نفسك، عن واقعك، عن علاقتك بربك، عن أصدقائك، عن تعاملك، هل تجد طعم الراحة والسعادة ..
أخبرنا .. هل وجدتها في الملهيات، في السهر والمعاكسات في الضحك والسمر في الذهاب والسفر ...؟
دُلّنَا بصرنــا .. هل وجدت الطمأنينة والأنس في السيارات، في المال، في الغناء، في رفقاء السوء ..؟
ماذا عن نومك، يقظتك .. ليلك .. نهارك؟.
هل تشعر بالراحة والسرور، هل تشعر بانشراح الصدر وأمن النفس ...؟
لو قلت فصدقت .. لقلت: لا، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ أَعْمَىٰ [طه:124]. فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَـٰمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى ٱلسَّمَاء [الأنعام:125].
إني أُراك جربت كل شيء .. كل شيء تبحث عن السعادة والراحة ..
اسمعها .. إن السعادة والفرح في سجدة لله تبكي بها على ذنوبك وتندب تقصيرك ..
إن السعادة الحقة في التوبة النصوح ..
إنها هناك .. في المسجد حيث الهدى والنور، في الصلاة، في الدعاء والخضوع، في رفقة الصلاح، فلا هموم إلا هم الإسلام، لا تسمع إلا حقًا، ولا تمشي إلا إلى خير، تجد الضحك ممزوجًا بالحب الصادق، والأنس متعلقًا بالنصح والإنابة ..
فمتى .. متى تكون أكثر جرأة في اتخاذ القرار، أعظم قرار في حياتك؟ متى ستطلّق حياة اللهو والعبث بلا رجعة لتجرب حياة الإيمان والسعادة ..؟.
ماذا تنتظر؟ .. قلها واسمعها الدنا .. أنا مؤمن، لله حياتي، كلماتي، حركاتي، سكناتي، خفقان قلبي، وجريان الدم في عروقي.
عد إلى الله .. وتب إليه، مهما كانت ذنوبك، أو عظمت عيوبك ...
روى مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)).
وعند ابن ماجه بإسناد جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء، ثم تبتم لتاب عليكم)).
وفي الخبر الذي رواه البخاري ومسلم عن الرجل الذي قتل مائة نفس فولّى إلى قرية ليعبد الله مع أهلها حتى إذا بلغ نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلاً بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة.
فاقبل وأمل وتب فالله يفرح بتوبتـك.
من خطبة مازن التويجري
الدال على الخير كفاعله