بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ؛ الحمد لله على نعمة الأسلام وكفا بها نعمه ؛ والصلاة والسلام على المبعوث
رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن أهتدى بهديه إلى يوم الدين
أما بعد ..........
نتحدث في موضوعنا هذا عن كيف تكونت الأرض ؟؟؟ وما الأعجاز القرآني في تكوينها ؟؟؟
دعونا نتعرف على ذلك
يقول علماء الجيولوجيا والفيزياء الأرضيَّة أنَّ عُمر الأرض هو حوالي 4.5 مليار سنة ، وأنَّها كانت في
بداية خِلْقَتِها كُرَةً من صُخور مَصهورة ، تُشبه كُرَةً من عجين . ولم تكن بها جبال ، وكانت البحار
والمحيطات في صورة بُخار نظرًا لارتفاع درجة الحرارة فوق الأرض .
وكانت سرعة دوران الأرض حول نفسها أكبر مِمَّا هي عليه اليوم ، بحيثُ أنَّ طول اليوم واللَّيلة كان 4
ساعات فقط ، وليس 24 ساعة .
فماذا يقول القرآن في هذا الأمر ؟
يقول الله تعالى : { إِنَّ رَبَّكُمُ الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي
اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ الله رَبُّ
الْعَالَمِينَ 54 } (7- الأعراف 54) .
ففي هذه الآية يتحدَّثُ الله سُبحانه عن فترةٍ زمنيَّة أولى ، وهي بداية خلْق الأرض وكُلّ الكون . فذكَر أنَّ
اللَّيلَ كان يَطلبُ النَّهار سريعًا ، أي أنَّهما كانا يتعاقبان بسرعة أكبر من الآن . وهذا ما أثبتهُ العلم الحديث
فعْلاً .
لِنُتابعْ ما يقوله العلماء : ثمَّ بَردت الأرضُ ، وانخفضت درجة الحرارة فوق سطحها إلى أقلّ من درجة
غلَيان الماء ، فتكثَّف البُخار وأصبح ماءً تكوَّنتْ منه البحار والمحيطات ، ويَبسَت القشرة الأرضيَّة فظَهرت
القارَّات .
وبِتَكَوُّن البحار والمحيطات ، أصبح القمر يُمارسُ جاذبيَّته عليها ، فيَجذبُ إليه سطحَ الماء المقابل له ،
فيَعْلُو نَحْوَه ، فيكونُ بذلك المَدُّ ، ثمَّ تدور الأرضُ ، فيهبطُ هذا الماء ، ويكونُ بذلك الجَزْر . ثمَّ يُمارسُ
القمرُ جاذبيَّته على مكان آخر وبَحْر آخر ، فيكون فيه المَدُّ ، وهكذا .
وبظُهور ظاهرة المَدّ والجَزْر بفعْل جاذبيَّة القَمَر ، حدثَ تعطيلٌ في دوران الأرض حول نفسها ، وبالتَّالي
تخفيضٌ في سُرعة هذا الدَّوران . ولكي تفهم هذا الأمر ، دعني أضربُ لك مثالاً : عندما تدور حول نفسكَ
بسُرعة مُعَيَّنة ، ثمَّ تأتي ابنتُكَ الصَّغيرة لِتُمسِكَ بطَرَفِ قَميصِكَ ، وكلَّما أفلَتَ منها طَرَفٌ أمسكَتْ بطَرَفٍ
آخَر ، فإنَّ هذا بلا شَكّ سيُعيقُ سُرعتكَ في الدَّوران . أليس كذلك ؟
هذا تقريبًا ما يحدُثُ بين القمر والأرض : فالقمر يجذبُ سطح بَحْرٍ مَا ، ثمَّ تدور الأرضُ ، فيَترُكُه ويَجذبُ
بَحْرًا آخر ، وهكذا .
وهذه الإعاقة في سُرعة دوران الأرض حول نفسها ، مع ضآلَتها ، تراكَمتْ على مَرّ ملايين السّنين ،
فأصبحت الأرضُ تدورُ اليوم حول نفسها مرَّةً كلَّ 24 ساعة ، بعد أن كانت تدور مرَّةً كلَّ 4 ساعات في
بداية خَلْقِها . وبالتَّالي ، أصبح الآن اللَّيلُ والنَّهار أطْوَل مِمَّا كانَا عليه في البداية .
وهنا ، نقفُ عند آية ثانية في القرآن الكريم ، يقول الله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا
رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ 3 } (13- الرّعد 3) .
فإذا كان الله سبحانه قد تحدَّث في الآية السَّابقة عن فترة زمنيَّة أولى من تاريخ الأرض ، فتعرَّض فيها
لِسُرعة تعاقُب اللَّيل والنَّهار ، فإنَّه في هذه الآية يتحدَّثُ عن فترة زمنيَّة تالية ، حيثُ تكَوَّنت الجبالُ والأنهار
وظهرت الثّمار . لهذا ذكَر هُنا تعاقُبَ اللَّيل والنَّهار ، دون أن يذكُر السُّرعة ، ربَّما لِيُخبرنا أنَّ اللَّيل
والنَّهار أصبحَا في هذه الفترة أطول مِمَّا كانَا عليه عند ولادة الأرض !
أليس في هذا دليلٌ جديد على أنَّ كلَّ كلمة في القرآن لها معناها الدَّقيق ؟
" إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون "
أرجو من الله أن يتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
وأن يجعل ربي عملي هذا خالصا لوجه الكريم