د.محمد المسير: الاغتسال من الجنابة جائز بعد الفجر.. والصوم صحيح
* يسأل سالم بدراوي من الشرقية: إذا أصبح الإنسان جنباً وأراد أن يصوم فهل يصح صومه من غير غسل؟
** يقول د.محمد سيد أحمد المسير الأستاذ بجامعة الأزهر:
هذا السؤال وقع بشأنه جدل في ولاية مروان علي المدينة في خلافة معاوية. خلاصته أن أبا هريرة كان يحدث: "من أدركه الفجر جنباً فلا يصم". فأنكروا عليه يومئذ. وذهبوا إلي السيدة عائشة والسيدة أم سلمة رضي الله عنهما فكلتاهما قالت: "كان النبي صلي الله عليه وسلم يصبح جنباً من غير حلم ثم يصوم". فرجع أبوهريرة رضي الله عنه عن التحديث بذلك.
فالصيام في مفهومه الشرعي هو الامتناع عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلي غروب الشمس بنية التعبد لله عز وجل ولا يشترط له الطهارة.. وقد أباح الله تعالي الأكل والشرب والمعاشرة الزوجية إلي طلوع الفجر فقال: "فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتي يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر".
ومعلوم أنه إذا جاز الجماع إلي طلوع الفجر لزم منه أن يصبح الإنسان جنباً ويصح صومه لقوله تعالي: "ثم أتموا الصيام إلي الليل".
وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً جاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم يستفتيه وهي تسمع من وراء الباب. فقال يا رسول الله: "تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم فقال عليه الصلاة والسلام: وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم. فقال الرجل: لست مثلنا يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال صلي الله عليه وسلم : والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي". وقد وجه العلماء موقف أبي هريرة السابق في فتواه بعدم صحة الصيام لمن أصبح جنباً بأنه محمول علي من أدركه الفجر معاشراً لزوجته فاستمر بعد طلوع الفجر فإنه يفطر ولا يصح صومه لأنه فعل مفطراً في وقت يجب الإمساك فيه.. أو أن هذه الفتوي كانت في صدر الإسلام عندما كان الطعام والشراب محرماً بعد النوم مطلقاً طلع الفجر أو لم يطلع ثم نسخ ذلك بقوله تعالي: "حتي يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر". فكان أبو هريرة يفتي بما علمه حتي بلغه الناسخ فرجع إليه.
والله أعلم