بين التعليم التقليدي و التعليم باستخدام الحاسوب
- يعتبر التعليم من المقومات الأساسية لحياة المجتمعات المعاصرة إلى جانب خدمات اجتماعية أخرى مثل الصحة السكن و غيرهما....فالعملية التعليمية تسعى إلى تحقيق الكثير من نتائجها.و إذا نظرنا إلى هذه العملية التعليمية من زاوية حاسوبية فان هناك العديد من الأنواع التعليمية من قبيل التعليم التقليدي و التعليم المبرمج و التعليم باستخدام الحاسوب و أخيرا التعليم باستخدام الشبكة العنكبوتية أو الانترنيت، و لكي لا اذهب بعيدا عن ما سأتناوله في هذا البحث ألا و هو المقارنة بين التعليم التقليدي و التعليم باستخدام الحاسوب.والسؤال الذي يتبادر إلى أدهاننا و إلى الكثير من المهتمين بالعملية التعليمية و التربوية وخاصة متخذي القرار و التنفيذيين في المؤسسة التعليمية هو هل يشكل التعليم باستخدام الحاسوب خطرا على استمرار نظام التعليم التقليدي؟ أم أن كلاهما يصب في خدمة الصالح العام، ان حجز الزاوية في هذا السؤال يكمن في الخوف على مستقبل التعليم التقليدي بان يتم الاستغناء عنه ويحل محله التعليم بواسطة الحاسوب؟
- إن العرض الذي نحن بصدد مناقشته –مقارنة بين التعليم التقليدي و التعليم باستخدام الحاسوب الذي يعتبر جزء من المحور الأساسي: التعليم و التعليم بواسطة التقنيات الحديثة.ان مبحث التعليم من أهم البحوث التي انصب عليها جهود علماء النفس و كذلك هي مركز القلب في كل نظرية سيكولوجية و لازال علماء النفس إلى اليوم معنيين اشد العناية بمبحث التعليم،وسأخصص الجزء الأول من العرض للحديث عن التعليم التقليدي نظرا لأنه وجد أولا. وكذلك لان العمل لازال جاريا به إلى وقتنا الحاضر .
- لقد وجد التعليم التقليدي مند بداية المنظومة التربوية وهو مستمر حتى وقتنا الحاضر ويركز على ثلاثة محاور أساسية و هي 'المعلم و المتعلم و المعلومة' ومن أهم مميزاته التقاء المعلم و المتعلم وجها لوجه.وكما هو معلوم في وسائل الاتصال أن هذه من أقوى وسائل الاتصال ونقل المعلومة بين شخصين ففيها تتجمع الصورة و الصوت، حيث تؤثر على الرسالة و بهذا يتم تعديل السلوك و يحدث النمو. بالإضافة إلى ذلك فالتعليم التقليدي لا يمكن الاستغناء عنه في مرحلة اكتساب المبادئ الأساسية مثل القرآة و الكتابة و الرياضيات وغيرها من المبادئ التي يتلقاها التلميذ من أستاذه بشكل مباشر وبدون وسيط ولكن ورغم هذه المزايا كلها فهو يواجه في عصرنا الحالي عدة مشاكل نحصرها في الكل التالي:
1- الزيادة الهائلة في أعداد السكان وما يترتب عليها من زيادة في أعداد الطلاب.
2- قلة أعداد المعلمين المؤهلين تربويا .
3- الانفجار المعرفي الهائل وما يترتب عليه من تشعب في التعليم.
4- القصور في مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب، فالمعلم ملزم بإنهاء كم من المعلومات في وقت محدد مما قد لا يمكن بعض المتعلمين من متابعته بنفس السرعة.
5- اعتماد مبدأ السلطة داخل الفصل الدراسي.
- ومع بروز مثل هذه المشكلات و مشاكل أخرى اضطرت الهيئة التعليمية و الفاعلين التربويين إلى البحت عن منفد جديد من قبيل استخدام الحاسوب. لقد انبتقت فكرة استخدام الحاسوب في التعليم من خلال الإمكانات التي استطاعت هذه الآلة تقديمها في مختلف دروب الحياة وفي فترة قياسية إذا ما قورنت بمثيلاتها من الاختراعات التي توصل إليها العقل البشري و الفترات الزمنية التي احتاجتها هذه الاختراعات لتطويرها . فقد أدت التطورات السريعة و المتلاحقة في تقنية الحاسوب إلى زيادة قوة أدائه وتقليص حجمه إضافة إلى انخفاض كلفته وسهولة استخدامه مما ساعد في انتشاره بشكل كبير.ومن بين الأوساط التي دخلها الحاسوب و أضفى على عملية الأداء فيها السرعة و الدقة واختصار الوقت هي المؤسسات التعليمية.فكما هو الحال بالنسبة للمؤسسات الأخرى تعمل المؤسسات التعليمية جاهدة على استغلال الحاسوب ليس فقط في أمور الأرشفة و التسجيل و المكتبات و ما إلى ذلك ،وإنما تقوم باستغلال إمكانياته في التعليم أيضا.
- لقد كانت البدايات الأولى في الاستفادة من الحاسوب في التعليم ترتكز على ما يعرف بالتعليم المبرمج حيث يتم تجزئة المعلومة المراد إيضاحها للمتعلم إلى أجزاء من خلال أطر يتم التعامل معها تدريجيا لتصل بالمتعلم إلى الهدف وهو اكتساب تلك المعلومة، واستفادا مطورو برامج الحاسوب التعليمية من فكرة التعليم المبرمج وبدأت المحاولات الجادة في استغلال الحاسوب متزامنة مع التطور السريع الذي شهدته هذه الآلية من حيث السهولة في التعامل و القدرة الفائقة على التخزين،إضافة لإمكاناتها على التفاعل مع المتعلم،هذا التفاعل لم يكن موجودا في أية وسيلة تعليمية مستخدمة، فمن المميزات الأخرى التي يمتاز بها الحاسوب عن سواه من الوسائل التعليمية المعروفة مقدرته على الاهتمام الفردي بالنسبة للمتعلمين من خلال تلبية المتطلبات الخاصة لكل متعلم على حدا.ومن أهم مميزاته التفاعلية ، و يعمل كذلك أي الحاسوب على مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين وكذلك كل طالب يحس بالمساواة لأن أدوات الاتصال تتيح له فرصة الإدلاء برأيه في أي وقت ودون حرج خلافا لقاعات الدرس التقليدية بالإضافة إلى هذه المميزات نجد الاستفادة القصوى من الزمان و المكان وعدم الاعتماد على الحضور الفعلي وكذلك بسهولة الوصول إلى المعلم.
- وخلاصة القول ورغم كل هذه المميزات لهذا النوع من التعليم فهناك من يرى أنه لا يعد و كونه مظهرا كباقي المظاهر التي تشتهر بها بعض المؤسسات التعليمية من فخامة المبنى ووفرة في الإمكانيات المادية التي لا تتجاوز ذلك الى الاهم منه و هو جوهر التعليم و جودة المخرج النهائي.وأخيرا وفي ظل هذا التشعب الحاصل بين التعليم التقليدي و التعليم باستخدام الحاسوب فإنه لا يمكن أن يحل الأول محل الثاني بل يسعى لدعمه بوسائل جديدة و تسهيلها بحيث تتصف بالمرونة بالمكان و الزمان ويسعى كذلك لإيجاد بيئة تعليمية،تدمج فيها مجموعة من الأدوات بطريقة مؤثرة و فعالة، فلا يجب علينا أن نلغي التعليم البشري ويصبح التعلم من خلال الآلة فقط فكم من الخبرات و المهارات التي نكتسبها من خلال التعليم البشري والذي لا يستطيع الحاسوب وغيره من الآلات الوصول إليها .
بين التعليم التقليدي و التعليم باستخدام الحاسوب
2010-08-27, 13:30
