القصــــة الأولى

سفينــــــة نــــــــــــوح

كان قوم نوح يعبدون الأصنام والتماثيل من
دون الله ، وكان إذا جاء نوح إليهم يدعوهم
إلى عبادة الله وحده ، وترك عبادة الأصنام التى
لا تنفع ولا تضر ، وضعوا أصابعهم فى آذانهم
حتى لا يروا نوحاً ، وظل نوح يدعو قومه إلى
الله مئات السنين ، فالناس فى بداية العالم
كانت أعمارهم طويلة وأجسادهم كبيرة ، ولم
يؤمن معه إلا ثلاثة عشر رجلاً ، وزوجته
وأبناؤه الأربعة ، ومرت السنين ولم تصبر
زوجة نوح فراحت تؤنبه وتلومه هى الأخرى
، ولم يجد نوح إلا باب السماء ليدعوا الله
تعالى فقال : (رب أنى مغلوب فأنتصر) فأرض
الله تعالى إليه : أنه لن يؤمن من قومك إلا من
قد آمن فلا يصبك الناس فتكون حزيناً ، فدعا
نوح ربه فقال : (رب لا تذر على الأرض من
الكافرين دياراً أنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا
يلدوا إلا ناصراً كفاراً) .
فأوصى الله تعالى إلى نوح أن يصنع سفينة ،
ولم يكن نوح يعلم كيف يصنع السفن ، فأوصى
الله تعالى : أصنعها مثل صدر الطائر ، ثم صنع
السفينة وكانت عظيمة ، وصنعها على ثلاثة
طوابق ، طابق فى الأسفل للوحوش ، وفى
الوسط للدواب والطيور ، وفى الأعلى نوح
والمؤمنون .
وأوصى الله تعالى إلى نوح أن علامة نزول
العذاب أن يخرج الماء من النار ، وبينما
زوجة نوح أمام الفرن فخرج الماء منه سريعاً
وتفجرت الأرض عيوناً ، وفتحت السماء
أبوابها ، وأمر الله نوحاً أن يحمل معه من كل
حيوان ، وطير ، وزواحف ، ووحوش ، بذور
، زوجين أثنين ، وأن يأخذ معه المؤمنين ،
ودخل المؤمنون السفينة إلا زوجة نوح
وأولاده الذين كفروا بعد إيمانهم ، وأغلق نوح
باب السفينة ، وتعلق الشيطان بذيل الحمار
ودخل السفينة ، وداخل السفينة كان الجميع
فى ألفة ومودة فلا القطط يأكل الفأر ، ولا
الذئب يفترس الغنم ، ونزل المطر منهمراً على
الجميع وتفجرت عيون الأرض ، ولمح نوح
بعينه ولده (كنعان) وكان كافراً ، فناداه نوح ،
ولكن الولد كان عاصياً لم يستجيب له وقال :
سأصعد إلى جبل عال يحمينى من الماء ،
وصعد الولد ولكن الطوفان كان أعلى منه ومن
الجبل ، أبتلع الماء الولد والجبل ، ومات
الكافرين إلا من آمن مع نوح فقط وسارت
السفينة بأسم الله ، وبعد أربعين يوماً رست
على جبل ، وبعث نوح الحمامة فعادت وفى
رجليها طين ، فعلم أن الأرض قد ابتلعت
الماء .
فقال الله تعالى لنوح : أهبط بسلام منا ،
وخرجوا جميعاً من السفينة ، وعادت الحياة
إلى طبيعتها ، فراحوا يبنون المدن ، ويزرعون
الأرض ، ويعبدون الله .