إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له
ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
السؤال :
هل يتلفظ المسلم بالنية عند قيامه بالعبادات فيقول مثلاً نويت أن أتوضأ ، نويت أن أصل ، نويت أن أصوم ، وهكذا ؟
الجواب :
الحمد لله
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية :
عن النية في الدخول في العبادات من الصلاة وغيرها ، هل تفتقر إلى نطق اللسان ؟ مثل قول القائل : نويت أصلي ، ونويت أصوم ؟
فأجاب :
الحمد لله ، نية الطهارة من وضوء ، أو غسل أو تيمم ، والصلاة والصيام ، والزكاة والكفارات ، وغير ذلك من العبادات ؛ لا تفتقر إلى نطق اللسان باتفاق أئمة الإسلام ، بل النية محلها القلب باتفاقهم ، فلو لفظ بلسانه غلطا خلاف ما في قلبه فالاعتبار بما ينوي لا بما لفظ .
ولم يذكر أحد في ذلك خلافا ، إلا أن بعض متأخري أصحاب الشافعي خرج وجها في ذلك ، وغلطه فيه أئمة أصحابه ، ولكن تنازع العلماء هل يستحب اللفظ بالنية ؟ على قولين : فقال طائفة من أصحاب أبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد : يستحب التلفظ بها لكونه أوكد .
وقالت طائفة من أصحاب مالك ، وأحمد ، وغيرهما : لا يستحب التلفظ بها ؛ لأن ذلك بدعة لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أحدا من أمته أن يلفظ بالنية ولا علم ذلك أحدا من المسلمين ، ولو كان هذا مشروعا لم يهمله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، مع أن الأمة مبتلاة به كل يوم وليلة .
وهذا القول أصح ، بل التلفظ بالنية نقص في العقل والدين : أما في الدين فلأنه بدعة ، وأما في العقل فلأن هذا بمنزلة من يريد أكل الطعام فقال : أنوي بوضع يدي في هذا الإناء أني آخذ منه لقمة ، فأضعها في فمي فأمضغها ، ثم أبلعها لأشبع فهذا حمق وجهل .
وذلك أن النية تتبع العلم ، فمتى علم العبد ما يفعل كان قد نواه ضرورة ، فلا يتصور مع وجود العلم به أن لا تحصل نية ، وقد اتفق الأئمة على أن الجهر بالنية وتكريرها ليس بمشروع ، بل من اعتاده فإنه ينبغي له أن يؤدب تأديبا يمنعه عن التعبد بالبدع ، وإيذاء الناس برفع صوته ، والله أعلم .