بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
أحبابي الكرام أعضاء منتديات رأفت الجندى
الحمدلله وحده لا شريك له , له الملك و له الحمد , و هو على كل شيء قدير , أشهد ألا إله إلا هو سبحانه ,
و أصلي و أسلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين , ثم أما بعد , فأوصيكم بتقوى الله سبحانه و
تعالى , قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون ) آل عمران ..
أَيُّهَا المؤمنون , من حكمة الله تعالى في خلق البشر أنه جعلهم يحتاجون إلى سدِّ أفواههم ، و ملء بطونهم ،
و تسكين جوعهم بالطعام , و حَاجَةُ الإِنْسَانِ إِلَى الطَّعَامِ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَ أَسْرِهِ وَ حَاجَتِهِ إِلَى غَيْرِهِ ، وَ نِعْمَةُ
الطَّعَامِ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ الَّتِي تَحْفَظُ الجِنْسَ البَشَرِيَّ مِنَ الانْقِرَاضِ ، فَلاَ حَيَاةَ لِلْإِنْسَانِ بِلاَ طَعَامٍ .
و الله تعالى لما خلق البشر و جعل الطعام قوامًا لهم وسببا لاستمرار حياتهم رزقهم بأنواع المآكل ، من الحبوب
و الثمار و الفواكه و الخضراوات و البقول , و لحوم الأنعام المعروفة و ألبانها , و العسل , و الأسماك و كل
مخلوقات البحر , و تأملوا ذلك في بعض آيات القرآن الكريم , و بعض أحاديث الحبيب عليه الصلاة و السلام ,
قال تعالى :( فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ , أَنَّا صَبَبْنَا المَاءَ صَبًّا , ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا , فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ,
و عنبا و قضبا , و زيتونا و نخلا , و حدائق غلبا , و فاكهة و أبا ) عبس , و قال تعالى : ( وَ الأَنْعَامَ خَلَقَهَا
لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَ مَنَافِعُ وَ مِنْهَا تَأْكُلُونَ ) النحل , و قال تعالى : ( وَ إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي
بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ ) النحل , وقال تعالى : ( ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي
سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )
النحل , و قال تعالى : ( وَ هُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَ تَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا )
النحل , و في حديث أبي هريرة رضي الله عنه , عندما سأله رجل عن الوضوء من ماء البحر , قال عليه
الصلاة و السلام : ( هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ ) مالك و أبو داود و الترمذي .
و جعل سبحانه خلق الطعام لعباده دليلًا على ربوبيته و ألوهيته ، قال تعالى : ( قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ
السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضِ وَ هُوَ يُطْعِمُ وَ لَا يُطْعَمُ ... ) الأنعام .
و قال تعالى على لسان نبينا ابراهيم عليه الصلاة و السلام معددًا دلائل ربوبية الله تعالى : ( الَّذِي خَلَقَنِي
فَهُوَ يَهْدِينِ , وَ الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِ ) الشعراء .
و لقد أباح ربنا سبحانه لعباده الطيب و الحلال من الطعام و نهاهم عن الخبيث و الحرام منه , قال تعالى :
( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) المائدة ، و قال تعالى : ( اليَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) المائدة ،
و قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) البقرة ، و جاء النص بحل طعام البحر حتى
للمحرمين الذين يحرم عليهم الصيد , ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ وَ طَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَ لِلسَّيَّارَةِ ) المائدة .
و جاء النهي الصريح في أن يحرم الإنسان على نفسه شيئًا من الطعام , قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ و لا تعتدوا ) المائدة ..
أيها المؤمنون , إن الطعام و الشراب من نعم الله سبحانه و تعالى الكثيرة على عباده , و لا بد من شكر هذه
النعمة العظيمة شكرا يوازيها , قال تعالى : ( وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي
لَشَدِيدٌ ) إبراهيم , هذا الطعام الذي نأكله امتن الله سبحانه به علينا فقال : ( أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ , أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ
أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ , لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ) الواقعة , و قال تعالى : ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ,
الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَ آمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ) قريش , و جاء عن عبيدالله بن محصن رضي الله عنه , عن الحبيب
عليه الصلاة و السلام في طعام يوم واحد : ( من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافى في جسده ، عنده
قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ) أخرجه الترمذي .
و انظروا إلى الذين عاقبهم الله سبحانه بالجوع لما كفروا نعمة الله تعالى : ( و ضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة
مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع و الخوف بما كانوا يصنعون )
النحل . و كما أنه سبحانه و تعالى كما عاقب من كفر بنعمه سبحانه بالجوع و حرمان الطعام , فإنه سبحانه قد
تعبد عباده بالإمتناع عن الطعام و الشراب شهرا كاملا في السنة من قبل طلوع الفجر إلى غروب الشمس ,
و جعل صيام رمضان المبارك الركن الثاني من أركان الإسلام , و رتب عليه الأجور العظيمة , قال تعالى : ( وَ
كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة ,
و جعل الصيام كذلك جزء مهما في عدد من الكفارات , ككفارة اليمين و القتل الخطأ و الظهار ..
و الله سبحانه و تعالى قد نهانا عن الإسراف في الطعام و الشراب فقال تعالى : ( و كلوا و اشربوا و لا
تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) الأعراف . و نهى سبحانه عن الطغيان فيه فقال : ( كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ
وَ لَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى , وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ
صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) طه ..
و الإسراف قد يكون إما بشراء طعام كثير زائد عن حاجته , ثم تكون نهاية هذا الطعام نهاية مهينة , بأن
يرمى في حاويات النفايات في إهانة واضحة لهذه النعمة العظيمة و لا حول و لا قوة إلا بالله ,
و قد يكون الإسراف في أكل الطعام , بأن يأكل المسلم أكلا كثيرا فوق طاقته , مما يعرضه للمرض
بالتخمة و القئ , فهذه عادة سيئة ذميمة نهينا عنها , فقد روى أحمد و الترمذي عن المقدام بن معدي
كرب رضي الله عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه ,
بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه , فإن كان لا محالة فثلث لطعامه و ثلث لشرابه و ثلث لنفسه ) .
فزَوَالُ النِّعَمِ مُرْتَهَنٌ بِالكُفْرِ ، و حِفْظَ النِّعَمِ مِنَ الزَّوَالِ مُرْتَهَنٌ بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى فِيهَا كَسْبًا وَ إِنْفَاقًا ، وَ شُكْرِهِ
سُبْحَانَهُ عَلَيْهَا . و إِنَّ بَقَاءَ النِّعَمِ مُرْتَهَنٌ بِإِكْرَامِهَا ، وَ عَدَمِ الاسْتِهَانَةِ بِقَلِيلِهَا وَ لَوْ كَانَ حَبَّاتِ أَرُزٍّ ، أَوْ كِسْرَةَ خُبْزٍ ،
أَوْ قَلِيلَ حِسَاءٍ ، أَوْ حَبَّةَ تَمْرٍ , فَمَنِ اسْتَهَانَ بِقَلِيلِ النِّعْمَةِ اسْتَهَانَ بِكَثِيرِهَا , و إِنَّ مَنْ نَظَرَ فِي أَطْعِمَتِنَا اليَوْمِيَّةِ
وَ وَلاَئِمِنَا المَوْسِمِيَّةِ ، وَ احْتِفَالاَتِنَا الباذخة ، ثُمَّ قَارَنَ ذَلِكَ بِمَفْهُومِ السَّلَفِ لِلنِّعْمَةِ وَ إِكْرَامِهَا عَلِمَ أَنَّنَا نُهِينُ
النِّعَمَ وَ لاَ نُكْرِمُهَا ، وَنَ كْفُرُهَا وَ لاَ نَشْكُرُهَا ، وَ نَتَسَبَّبُ فِي زَوَالِهَا لاَ اسْتِدَامَتِهَا .
و فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ اعْتِبَارٌ لِلتَّمْرَةِ الوَاحِدَةِ ، وَ اللُّقْمَةِ الوَاحِدَةِ ، وَ لِذَا اسْتَخْدَمَهَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَ السَّلاَمُ
مَرَّاتٍ عِدَّةً فِي حَدِيثِهِ , فَأَخْبَرَ أَنَّ الرَّجُلَ حِينَ يضع اللقمة في فم زَوْجَتَهُ لُقْمَةً فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ ، و قَالَ أيضا :
( لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَ اللُّقْمَتَانِ ، وَ التَّمْرَةُ وَ التَّمْرَتَانِ ) ، بَلِ اعْتَبَرَ بَعْضَ
التَّمْرَة وَ لَمْ يَحْقِرْهَا لِقِلَّتِهَا ، فقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَ السَّلاَمُ : ( اتَّقُوا النَّارَ وَ لَوْ بِشِقِّ تَمْرَة ) ، وَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : ( جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا ، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا
تَمْرَةً ، وَ رَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا ، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا ، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا ،
فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا ، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ ، فَقَالَ : إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ , أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا
مِنَ النَّارِ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَ تَأَمَّلُوا إِكْرَامَ النِّعْمَةِ فِي الحَدِيثِ الآتِي ، وَ عَدَم الاسْتِهَانَةِ بِقَلِيلِ الطَّعَامِ وَ لَوْ كَانَ لُقْمَةً وَاحِدَةً أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا ,
قَالَ عليه الصلاة و السلام : ( إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى وَ لْيَأْكُلْهَا ، وَ لَا
يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ ، وَ لَا يَمْسَحْ يَدَهُ بِالْمِنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ ) رَوَاهُ مُسْلِم ، بل إن بَقَايَا الطَّعَامِ فِي الصِّحَافِ
وَ القُدُورِ وَ الأَوَانِي لاَ تُحْتَقَرُ وَ لاَ يُسْتَهَانُ بِهَا ، بَلْ تُكْرَمُ وَ تُصَانُ وَ تُسْلَتُ فَتُؤْكَلُ ، قَالَ أَنَسٌ : ( وَ أَمَرَنَا أَنْ
نَسْلُتَ الْقَصْعَةَ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
و بعد الحديث السالف عن الطعام و أهميته للإنسان , و ضرورة إكرامه و عدم إهانته , و ضرورة شكر
المنعم سبحانه و تعالى على هذه النعمة العظيمة , أود في الختام أن أتعرض لعمل صالح من الأعمال
الصالحة التي حثنا عليها ديننا الإسلامي الحنيف في القرآن و السنة , ألا و هو إطعام الطعام , و تقديمه
للجائعين المحتاجين الذي لا يجدون ما يأكلونه لفقرهم و عوزهم .
جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه : ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سُئل : أي
الإسلام خير ؟ قال صلى الله عليه و سلم : أن تطعم الطعام و تقرأ السلام على من عرفت و من لم
تعرف ) متفق عليه .
و في أوصاف الأبرار و ذكر أعمالهم التي استحقوا بها الجنة كان من أعمالهم : ( وَ يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى
حُبِّهِ مِسْكِينًا وَ يَتِيمًا وَ أَسِيرًا , إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَ لَا شُكُورًا ) الإنسان ,
كما كان من أوصاف أهل النار و ذكر أفعالهم التي أوجبت لهم النار أنهم حبسوا الطعام عن المحتاجين ، و
لم يدعوا غيرهم للإطعام : ( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ , قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ , وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ المِسْكِينَ )
المدَّثر ، و في آية أخرى قوله تعالى : ( وَ لَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ ) الحاقة .
و قد قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه عندما جاء ليرى النبي صلى الله عليه و سلم عند مقدمه للمدينة
و الناس متزاحمون عليه : فتطاولت حتى رأيته فلما رأيت وجهه قلت : ما هذا بوجه كاذب ، فكان أول ما
سمعته منه : ( أيها الناس : أفشوا السلام ، و أطعموا الطعام ، و صِلُوا الأرحام ، و صَلُّوا بالليل و الناس
نيام ، تدخلوا الجنة بسلام ) صححه الألباني ..
و قال عليه الصلاة و السلام : ( إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها ، و باطنها من ظاهرها , فقالوا :
لمن هي يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه و سلم : لمن أطاب الكلام ، و أطعم الطعام ، و بات قائمًا
و الناس نيام ) رواه الحاكم في مستدركه و سنده حسن .
و نجده كذلك أيضًا في الأمر المباشر الذي وجهه النبي صلى الله عليه و سلم لعموم أمته متعلقًا بهذا الشأن
( اطعموا الجائع ، و عودوا المريض ، و فكوا العاني ) البخاري .
و أختم بهذا الحديث القدسي العظيم الذي قاله النبي صلى الله عليه و سلم فيما رواه مسلم و فيه : ( أن
الله جل و علا يقول لعبده يوم القيامة : استطعمتك فلم تطعمني ، فيقول و كيف أطعمك يا رب و أنت
رب العالمين؟ فيقول استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ، أما إنك لو أطعمته لوجدتني عنده ) .
أيها المؤمنون : إن إطعام الطعام شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام تدل على المعنى الإنساني و تمنع هذه
المهالك من الجوع و المرض و غيرها ، و تقوى روابط الأخوة و المحبة , و نحن معاشر المسلين مدعوون
بكتاب ربنا و سنة نبينا إلى أن نكون أولاً من يعنى بذلك ، و أن نقدر النعمة قدرها ، و أن نقوم بواجب
شكرها , و أن نعرف للمنعم فضله ..
أسال الله سبحانه و تعالى أن يديم علينا نعمه ، و أن يحفظ علينا ما أسبغ علينا من نعم الطعام و الشراب
و الأرزاق ، و أن تعم كل المسلمين .
و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين