توسّع الدولة
[عدل] فتح أطراف بلاد ما بين النهرين
رسم لصلاح الدين الأيوبي.
توفي
سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود في 3 صفر سنة 576هـ، الموافق فيه 28
يونيو من سنة 1180م،[100] وخلفه شقيقه عز الدين في إمارة الموصل.[101] في
25 رجب سنة 577هـ، الموافق فيه 4 ديسمبر سنة 1181م، توفي الملك الصالح بن
نور الدين زنكي في حلب. قبل وفاته، لما يئس من نفسه استدعى الأمراء فحلفهم
لابن عمه عز الدين مسعود بن قطب الدين صاحب الموصل، لقوة سلطانه وتمكنه،
ليمنعها من صلاح الدين.[102] رُحّب بعز الدين في حلب، ولكن تملّكه لحلب
والموصل كان أمرًا يفوق قدراته، لذا تنازل عن حلب لأخيه عماد الدين زنكي،
في مقابل سنجار والخابور والرقة ونصيبين وسروج وغير ذلك من البلاد. لم
يحاول صلاح الدين استغلال تلك الظروف احترامًا للمعاهدة التي عقدها في
السابق مع الزنكيين.[103]
وفي 5 محرم سنة 578هـ، الموافق فيه 11
مايو سنة 1182م، غادر صلاح الدين الأيوبي القاهرة مع نصف الجيش الأيوبي
المصري والعديد من المتطوعين إلى الشام. وعندما علم أن القوات الصليبية
احتشدت على الحدود لاعتراضه، غير طريقه عبر سيناء إلى أيلة، وهناك لم يلقى
صلاح الدين أي مقاومة من قوات بلدوين.[104] وعندما وصل إلى دمشق في يونيو،
أغار عز الدين فروخ شاه على بلاد طبرية، واحتل دبورية وحابس جلدق، وهو أحد
الحصون ذات الأهمية الكبيرة للصليبيين.[105] في يوليو، أرسل صلاح الدين
فروخ شاه لمهاجمة كوكب الهوا. وفي أغسطس، شنّ الأيوبيون هجومًا بريًا
وبحريًا للاستيلاء على بيروت؛ وقاد صلاح الدين جيشه في سهل البقاع، ولما
بدا لصلاح الدين أن الهجوم قد يفشل، فضّل إيقاف هجومه والتركيز على مهمته
نحو في بلاد ما بين النهرين.[106]
دعا مظفر الدين كوكبري بن زين
الدين علي بن بكتكين وهو أحد أمراء حران، صلاح الدين لاحتلال بلاد الجزيرة،
الواقعة شمال بلاد ما بين النهرين.[105] ومع انتهاء الهدنة بينه وبين
الزنكيين رسميًا في جمادى الأول سنة 578هـ، الموافق فيه شهر سبتمبر من عام
1182م،[107] وقبل سيره إلى بلاد الجزيرة، كان التوتر قد ازداد بين الحكام
الزنكيين في المنطقة، نظرًا لعدم رغبتهم في دفع الجزية لصاحب الموصل.[108]
وقبل عبوره الفرات، حاصر صلاح الدين حلب لمدة ثلاثة أيام، بمجرد أن انتهت
الهدنة.[107] وما أن وصل إلى قلعة البيرة قرب نهر الفرات، حتى إنضم إليه
كوكبري ونور الدين صاحب حصن كيفا، واستولت القوات المشتركة على مدن الجزيرة
الواحدة تلو الأخرى، فسقطت الرها تلتها سورج ثم الرقة وقرقيسية
ونصيبين.[107] كانت الرقة نقطة عبور هامة والتي كانت في يد قطب الدين ينال
بن حسان المنبجي، الذي سبق وخسر منبج أمام قوات صلاح الدين الأيوبي عام
1176م. لما رأى قطب الدين كبر حجم جيش صلاح الدين، لم يُقدم على إبداء أي
مقاومة واستسلم على أن يحتفظ بممتلكاته. أثار صلاح الدين الأيوبي إعجاب
أهالي المدينة بعدما أمر بإلغاء عدد من الضرائب، حيث قال "إن شر الحكام هم
من يسمنون وشعوبهم جياع". من الرقة، غزا ماكسين ودورين وعرابان والخابور،
والتي خضعت جميعها له.[105][109]
ثم توجّه صلاح الدين لغزو نصيبين
التي سلّمت دون مقاومة. كانت نصيبين بلدة متوسطة الحجم، ليست ذات أهمية
كبيرة، لكنها كانت تقع في موقع استراتيجي بين ماردين والموصل ويسهل الوصول
إليها من ديار بكر.[110] في خضم هذه الانتصارات، وردت صلاح الدين أخبار
تقول أن الصليبيين أغاروا على قرى دمشق. فأجاب «دعهم.. ففي الوقت الذي
يهدمون فيه القرى، نستولي نحن على المدن؛ وعندما نعود، سيتعين علينا جمع
المزيد من القوة لمحاربتهم».[107] وفي الوقت نفسه، في حلب، داهم أميرها
الزنكي مدن صلاح الدين في الشمال والشرق، مثل باليس ومنبج وسورج وبوزيع
والقرضين، كما دمر قلعته في بلدة أعزاز لكي لا يستخدمها الأيوبيون إن
استطاعوا الاستيلاء عليها.[110]
[عدل] ضم حلب