بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم
الدعوة
و أهل العلم والايمان وسط في الدعوة بين الغلاة والجفاة
بين من غلا في مسائل الدعوة فأعطاها كل وقته حتى عطل بعض الواجبات من اجلها ونسي أهله وتربية أبنائه
و خرج من بيته بحجة انه يدعو إلى الله عز وجل، فانهمك في دعوة البعيد ونسي القريب
واشتغل عن النوافل والعبودية التي تورث له الخشية و الورع والمراقبة المحاسبة
و جعل فضول المباحات التي يقضيها في الجلسات والمخيمات والمراكز الصيفية و الأندية والوادي دعوة
ولان نفسه اشتهت هذا الوضع تذرع بحجة انه يدعوا إلى الله عز وجل، ليريح نفسه من اللوم
ومنهم من فعل ذلك حتى ترك زوجته و أهله ينتظرونه الأيام والليالي و هو هائم على وجهه بحجة انه ينشر دين الله على الأرض
و هو لا نشر دينا ولا أدى حقا، و إنما يشكر له الجهد الذي يبذله في الدعوة
و أما فضول الأوقات التي عطل بها بعض الواجبات فهو ملوم بلا شك و مذموم على تقصيره.
و أما الجفاة في هذا الباب فهم الذين تركوا الدعوة ولو كانوا من أهل العلم أصلا
فلم يتشاغلوا بوعظ ولا بتدريس ولا بعلم ولا بفتيا ولا بتعليم ولا بأمر بمعروف ولا نهي عن المنكر ولا خطابة ولا تأليف
وإنما تعلم أحدهم علما كثيرا ثم كدسه في صدره
وكتم ما عنده من العلم و الحكمة و جلس في بيته و انزوي واشتغل بخاصة نفسه
وهو مقتدر على التبليغ و التعليم و انهمك في جمع الدنيا وفي الاشتغال ببيوته و مزارعه ومتعه الخاصة فهذا ملوم مذموم ، و سوف يسأله ربه عن ذلك
و توسط أهل العلم و الإيمان في هذا الباب فبذلوا العلم والدعوة ، و اعطوا كل ذي حق حقه ،فمرة للتعليم، ومرة للأهل
و مرة للتزود من العلم، ومرة للتحقيق و التأليف، فكانوا احسن الناس في هذا الباب
كما كان عليه الصلاة والسلام و أصحابه فانه صل الله عليه وسلم مرة مع أهله يداعبهم ويلاعبهم
ومرة على المنبر خطيبا، ومرة في الميدان مجاهدا، ومرة أمرا ناهيا، ومرة يزور القبور و يحضر الأفراح و الأعراس بابي هو و أمي صل الله عليه وسلم
فهو المسدد المعصوم الذي هداه ربه، أسال الله أن يهدينا لسبيله :
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ واليوم الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21).والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة