تأخر في أخذ ابنه إلى الطبيب ثم مات الابن
كان لي ابن ذكر يبلغ من العمر 9 أشهر وقد كان يوجد به نقص في بعض الفيتامينات (كالسيوم وحديد). وكنت أراجع أحد الأطباء . وقد أجرى بعض التحاليل الخاصة بالدم وعلى إثرها كتب الدواء . وقد أمرني الدكتور بمراجعته بعد شهر. وبعد انتهاء الشهر راجعته فأكد أن الطفل في حالة ممتازة وتحسن كبير وعلينا متابعة العلاج لشهر آخر. وفي نفس الليلة أصيب الطفل ببعض القيء واستمر حتى الفجر فأخبرتني زوجتي بتعب الطفل وأخذه إلى المستشفى حيث بدا بعض السواد على عين الطفل ولكني أخبرتها بعدم التعجل لأنها ربما تكون حالة مؤقتة وسوف تزول. وفي الظهر أخبرتني بأن الطفل تعبان جدا وقد بدا كثير من السواد مع تغّّّّور في العين. فبعد تفكير مني قلت في نفسي. 1- إن المستشفى الذي سوف أذهب إليها بعيد عني وقد استثقلت المشوار.2-أن الأطباء قد يلعبون في الولد وهم لا يعرفون حالته من قبل.3- لم يبق إلا ساعتين ونصف على العصر وأذهب به إلى الطبيب المتابع لحالته فما يأمرني به سوف أفعل. وفعلا ذهبت وبعد تأخير من الطبيب بسبب الدور وقد أخبرته بأن الحالة طارئة أعطانا إبرة لوقف القئ وزجاجتي محلول صغيرتين بالرضاعة ومضاد حيوي يأخذه من بكرة وهذا كل شيء. وأمرنا ألا نعطيه شيا إلا بعد ساعتين. وفعلنا ولكن الطفل مات بعد4 ساعات. وقد سألنا الطبيب بعد ذلك لماذا لم تتعامل مع الحالة بأنها طارئة ؟ فقال قد أمرت الممرضة للخروج خلفكم لإعطاء الطفل محلول مركز في الوريد ولكنها لم تجدكم في الخارج. فهل علي شيء أنا الأب بالتأخر والتفريط ؟
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى لكم الصبر واحتساب الأجر ، وأن يخلف عليكم خيرا .
ثانيا :
لا شيء عليك ؛ لأن التداوي لا يجب في قول جمهور العلماء ، ومن أوجبه إنما أوجبه في حالة خاصة ، وهي إذا خُشي التلف بتركه ، كإيقاف النزف وخياطة الجرح ، أو كان المرض ينتقل ضرره إلى غيره ، كالأمراض المعدية . وراجع جواب السؤال رقم (81973) ، ورقم( 2148).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " والتداوي غير واجب ، ومن نازع فيه خَصَمَتْه السنة في المرأة السوداء التي خيرها النبي صلى الله عليه وسلم بين الصبر على البلاء , ودخول الجنة ، وبين الدعاء بالعافية , فاختارت البلاء والجنة , ولو كان رفع المرض واجبا لم يكن للتخيير موضع , كدفع الجوع , وفي دعائه لأبيّ بالحمى , وفي اختياره الحمى لأهل قباء , وفي دعائه بفناء أمته بالطعن والطاعون , وفي نهيه عن الفرار من الطاعون , وخصَمه حال أنبياء الله المبتلين الصابرين على البلاء , حين لم يتعاطوا الأسباب الدافعة له , مثل أيوب عليه السلام وغيره , وخصَمه حال السلف الصالح . فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حين قالوا له : ألا ندعو لك الطبيب ؟ قال : قد رآني , قالوا : فما قال لك ؟ قال : إني فعال لما أريد . ومثل هذا ونحوه يروى عن الربيع بن خيثم المخبت المنيب , الذي هو أفضل الكوفيين أو كأفضلهم , وعمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد الهادي المهدي , وخلق كثير لا يحصون عددا , ولست أعلم سالفا أوجب التداوي , وإنما كان كثير من أهل الفضل والمعرفة يفضّل تركه تفضلا , واختيارا لما اختار الله , ورضي به , وتسليما له , وهذا المنصوص عن أحمد , وإن كان من أصحابه من يوجبه , ومنهم من يستحبه , ويرجحه كطريقة كثير من السلف , استمساكا لما خلقه الله من الأسباب , وجعله من سننه في عباده " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (2/389).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله فيما يتعلق بعدم إجراء العمليات لطفل مبتلى بأمراض لا يرجى برؤها : " أفيدكم بأنه قد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن علاج المرضى مستحب ، حيث يُرجى برؤه ، ولا يجب ، وهذا هو الأرجح من حيث الدليل " انتهى من "الفتاوى المتعلقة بالطب وأحكام المرضى" ص 318 .
والله أعلم .