حكم لبس القميص المكتوب عليه في الصلاة
السؤال:
هل يجوز لبس قميص - مكتوب عليه بعض الكلمات – وذلك أثناء الصلاة مع الإمام ؟
الجواب :
الحمد لله
حكم الصلاة في الثياب المشتملة على أنواع من الصور والكتابة والأعلام فيه تفصيل :
أولا :
إذا كانت هذه الصور لأمور محرمة من صور النساء ، أو الصلبان ، أو شعارات الدول
المعادية للمسلمين ، أو كانت رسوما لذوات الأرواح ، أو صورا لأطعمة محرمة كالخمر
والدخان ، ونحو ذلك : فهذه يحرم لبسها أصلا ، وحرمة الصلاة بها أعظم ؛ فإن هذه
الصور محرمة لذاتها ، فلا يجوز لبس الثياب المشتملة عليها في أصح أقوال أهل العلم .
وينظر جواب السؤال رقم (10439)،
(143709) .
ثانيا :
إذا كانت هذه الثياب لا تشتمل على صور ، ولكنها تحمل بعض الجمل والعبارات التي تدعو
إلى المعصية ، كعبارة " قبِّلني " باللغة الانجليزية ، أو جملة " اتبعني " كذلك، أو
نحوها من الكلمات التي يستعملها دعاة الفاحشة ، أو التي فيها خلل في الاعتقاد :
فهذه أيضا يحرم لبسها خارج الصلاة ، وحرمة لبسها في الصلاة من باب أولى ، وسبب
التحريم ظاهر ؛ لِما فيها مِن فحش في القول ، ومنكر ظاهر للعيان ، ودعوة للفجور أو
الكفر ، والله عز وجل يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا
خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ
يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) النور/21.
ثالثا :
إذا كانت ثياب الصلاة خالية من الصور أو الكلمات المحرمة ، ولكنها تشتمل على زخارف
وأشكال أو عبارات أخرى ، فهذه حكمها أنها ينظر فيها :
1- إن كانت مما يلفت انتباه الناظر إليها ، ويغلب على الظن أنها ستشغل المصلين
الذين يرونها في التأمل بما فيها : كُرهت الصلاة فيها ، لما ثبت من نهي النبي صلى
الله عليه وسلم عما يشغل في الصلاة ، كما في حديث عائشة رضي الله عنها :
( أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلاَمٌ ،
فَنَظَرَ إِلَى أَعْلاَمِهَا نَظْرَةً ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : اذْهَبُوا
بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ ، وَائْتُونِى بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي
جَهْمٍ ، فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاَتِي )
والخميصة : ثوب مخطط من حرير أو صوف .
والأعلام : نقوش وزخارف .
والأنبجانية : كساء غليظ لا نقوش فيه ولا تطريز .
والحديث رواه البخاري في " صحيحه " (373) وبوب عليه بقوله : باب إذا صلى في ثوب له
أعلام ونظر إلى علمها . ورواه مسلم في " صحيحه " (556)، وبوب عليه الإمام النووي
رحمه الله بقوله : باب كراهة الصلاة في ثوب له أعلام .
قال العلامة ابن دقيق العيد رحمه الله :
" استنبط الفقهاء من هذا كراهة كل ما يشغل عن الصلاة من الأصباغ والنقوش والصنائع
المستطرفة ، فإن الحكم يعم بعموم علته ، والعلة الاشتغال عن الصلاة " انتهى من "
إحكام الأحكام " (ص/219)
وقال القرطبي رحمه الله :
" في هذا الحديث التحفظ من كُلِّ ما يشغل عن الصلاة النظرُ إليه " انتهى من "
المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم " (2/163)
ويقول ابن قدامة رحمه الله :
" يكره كل ما يشغل المصلي عن صلاته ....وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم - مع ما
أيده الله تعالى به من العصمة والخشوع - شغله ذلك ، فغيره من الناس أولى " انتهى من
" المغني " (2/72)
وقال البهوتي الحنبلي رحمه الله :
" يكره استقبال ما يلهيه لأنه يشغله عن إكمال صلاته " انتهى من " كشاف القناع "
(1/307)
وينظر جواب السؤال رقم:(90097).
2- أما إذا كانت تلك الزخارف والكلمات – غير المحرمة –
قدرُها يسير ، لا يلتفت إليها المصلي ، أو مما يعتاده الناس في ألبستهم بحيث لا
يشغل بال الناظر إليها : فهذه لا كراهة في الصلاة بها ؛ لانتفاء علة الكراهة فيها .
قال حرب :
سألت إسحاق عن الصلاة في المنديل - وأريته منديلاً له أعلام خضر وخطوط ؟
فقال : جائز . انتهى من " فتح الباري " لابن رجب (2/206) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذ قُدّر أن الإمام لا ينشغل بذلك لكونه أعمى ، أو لكون هذا الأمر مرّ عليه كثيرا
حتى صار لا يهتم به ولا يلتفت إليه ، فإننا لا نرى بأسا أن يصلي عليها " انتهى من "
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (12/362) .
والخلاصة أن القميص المسؤول عنه إن كان يشتمل على
كتابة ليست محرمة ، ولكنها ملفتة ، تشغل بال المصلين الناظرين إليها : كرهت الصلاة
فيه حينئذ ، وإلا لم تكره .
أما إذا كانت الكتابة تحمل معاني محرمة : فهذه لا يجوز لبسها أصلا خارج الصلاة
وداخلها.
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب