الاستهزاء بالرسول عليه الصلاة والسلام قضية وتاريخ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نَبِيّ بعده، أما
بعد: على مر السنين والناس على طريقين، طريق الحق وأهله، وطريق الباطل
وأهله،
قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ الذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا البَاطِلَ
وَأَنَّ الذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ}
(محمد: 3)، وبعث الله الأنبياء وأرسل الرسل الى الناس لنصرة الحق على
الباطل ولا يزال بغض المُبطلين للمحقين قائم منذ بداية التاريخ، وكلما وهن
أهل الحق وضعفوا، قويت شوكة أهل الباطل فتداعوا عليهم وآذوهم، وَنَكَّلوا
بِهم، وقد بَيَّن النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ان عزة هذه الأمة فِي
التمسك بأمر رَبِّها واعلاء كلمة التوحيد، واذا ركنت الى الدنيا، تناولها
الأعداء من كل جانب كما روى احمد فِي المسند (278/5)، وأبو داود فِي سننه
(4297) وصحَّ من حديث ثوبان رضي الله عنه، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: «يوشك ان تداعَى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الآكلة على
قصعتها»، قال: قلنا يا رسول الله! أمن قِلَّة بنا يومئذ؟ قال: «أنتم يومئذ
كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ويَجعل
في قلوبكم الوَهْنُ»، قال: قلنا: وما الوَهْنُ؟ قال: «حب الدنيا وكراهية
الموت».
استهزاء المُبطلين بالأنبياء والمرسلين
ان الاساءَةَ الى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بأي وسيلة
استخدمت، وأي صورة كانت، وَمِمن صدرت، سواءٌ كان المُستهزِئُ فرداً أو
مُجتمعاً، بفعل صحيفة مطبوعة أو مُمارسة دولة محصنة وممنوعة، ما هو الا
استهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته ودينه وطريقته، بل اعلان
حرب على الاسلام وشرائعه، وهذا الاستهزاء ليس بدعاً فَي طريق نَبِيٍّ من
الأنبياء، ولا يعد أمراً جديداً تواجهه دعوةُ الحقِّ، دعوةُ الأنبياءِ
والرسلِ قال الله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ}
(الأنعام:
10)، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ
الأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ الا كَانُوا بِهِ
يَسْتَهْزِئُونَ} (الحجر: 10 – 11)، وشيع الأولين، أَي: أُمَم الأولين،
وقال تعالى: {وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الأَوَّلِينَ وَمَا
يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ الا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} (الزخرف: 6 –
7).
قضية لَها تاريخ رافقت الدعوة إلى الله
وبِهذا البيان من كلام الله تعالى نَجد ان الاستهزاء بالرسل
قضية ودعوة لَها تاريخ، رافقت الدعوة الى اخلاص العبودية لله، من لدن نوح
عليه السلام، حتى دعوة خاتَم الأنبياء والمُرسلين، نبينا محمد صلى الله
عليه وسلم، ومن استهزأ بِحامل الرسالة الكريْم فهو مستهزئٌ برسالته حقيقة،
وداعيا الى الاستهزاء بالقرآن كلام الله، ودين الاسلام وأهله.
{انَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ}
تكفل الله بِحماية هذه الدعوة منذ الانطلاقة الأولَى وظهور
أمرها فِي مكة وما واجهته من حروب قادها رؤوس الكفر والضلال، ومُحاولة
الحدِّ من انتشارها والتصدي لَها بكل ما أوتوا من قوة وسلاح، قال الله
تعالى:
{وَاذْ يَمْكُرُ بِكَ الذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ
أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ
خَيْرُ
المَاكِرِينَ} (الأنفال: 30)، وقال تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ
فَانَّكَ بِأَعْيُنِنَا} (الطور: 48)، وقال تعالى: {اليْسَ اللَّهُ
بِكَافٍ عَبْدَهُ} (الزمر: 36)، حتى بلغ بِهم الأمر الى الأذى والاساءة
والاستهزاء بِنَبِيِّ الرّحْمةِ مُحمد صلى الله عليه وسلم، وكان على رأس
المُستهزئين خمسةٌ من كبار القوم فِي مكة فيهم الأسودان، الأسود بن المطلب
بن أسد أبو زمعة، وهو من بَنِي أسد، والأسود بن عبد يغوث بن وهب، من بَنِي
زهرة، والوليد بن المُغيرة، من بَنِي مخزوم، والعاص بن وائل بن هشام، من
بَنِي سهم، والحارث بن عيطل السهمي، من بَنِي خزاعة، وحفظه الله وحَماه،
قال الله تعالى: {انَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ} (الحجر: 95)، وقال
تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (المائدة: 67)، حتى أظهر الله
دعوته وانتشرت رسالته.
لِماذا الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم
ان المُشركين علَى اختلاف دياناتِهم وطوائفهم من مجوس ويهود
ونصارى يبغضون الرسول صلى الله عليه وسلم ويستهزئون به، بغضا للدين الذي
جاء به، وحقدا يَحملونه لأهله الذين آمنوا به، والله سبحانه وتعالى لَهم
بالمرصاد، قال تعالى: {وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا
يَصْنَعُونَ} (المائدة: 14).
كيف نواجه الاستهزاء؟ نرضي ربنا ونغيظ الأعداء والحاقدين
علينا التمسك بالأسباب التي من أجلها يبغضون النَّبِي صلى
الله عليه وسلم، ويظهرون معاداته، ويهزؤون به، ففي هذا تَمَسُّكٌ بِشعائرِ
الاسلامِ طلباً لِمرضاة الله، واغاظة لأعدائنا، قال تعالى: {قُلْ مُوتُوا
بِغَيْظِكُمْ} (آل عمران: 119)، وفيه انتقام لذلك التَّنَقُّص والأذى
والاساءة التي وجهت لسيد الأولين والآخرين، قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ
اللَّهِ
وَالذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ
تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ
وَرِضْوَانًا
سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ
فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الانْجِيلِ كَزَرْعٍ
أَخْرَجَ
شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ
الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الذِينَ
آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}
(الفتح: 29).
الدعوةُ إلى التوحيد تغيظ المنحرفين
أولا: فإن كان السبب الدعوة الى التوحيد، فعلينا الاستجابة
والسمع
والطاعة قال تعالى: {انَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ اذَا دُعُوا الى
اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ان يَقُولُوا
سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} (النور: 51)، فلابد
من رفع راية، أشهد أن لا اله الا الله، وأشهد ان محمدا عبده ورسوله، ونعمل
بِها قولا وفعلا، فلا يسجد لصنم، ولا يركع لقطب أو ولِي، ولا يطاف بقبر،
ولا نرضى بالتحاكم الا لشرع الله المُنزل من السماء قال تعالى: {وَأَنِ
احْكُمْ
بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ
وَاحْذَرْهُمْ ان يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ اليْكَ
فَانْ
تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ان يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ
ذُنُوبِهِمْ وَانَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ
أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا
لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (المائدة: 49 – 50)، وفِي الآيات طلب للحكم بِما
أنزل الله، وفيها ان ما أصابنا من ضعف واستهزاء بنبينا وديننا هو بِما كسبت
أيدينا كما فِي قوله: {فَانْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ ان يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ}، وقد رفع الصحابة راية
الشهادتين وعملوا بِها: (1) روى مسلم فِي صحيحه (969) عن أَبِي الهياج
الأسدي قال: قال لِي علي بن أَبِي طالب: الا أبعثك على ما بعثني عليه رسول
الله صلى الله عليه وسلم؟ «أن لا تدع تِمثالا الا طمسته، ولا قبرا مشرفا
الا سويته»، وفيه من الفوائد: الاعتقاد السليم، والدعوة الى التوحيد،
والاتباع الذي أظهره علي بن أَبِي طالب رضي الله عنه، كما فِي قوله: الا
أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (2) وروى البخاري
(427) ومسلم (528) فِي صحيحيها من حديث عائشة رضي الله عنها، ان أُمَّ
حبيبة وَأُمَّ سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا
لِلنَّبِي صلى الله عليه وسلم فقال: «ان أولئك اذا كان فيهم الرجل الصالح
فمات، بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند
الله يوم القيامة». وسؤال الصحابيتَين يبين ما استقر فِي ذهنيهما من شناعة
الأمر الذي رأينه، ولذا لا قداسة، ولا تعظيم لشيءٍ بين السماء والأرض، لا
عظمة لكوكب فِي السماء ولا حجر فِي الأرض، لله التعظيم وحده والعبادة، وله
الأمر كله، لا ينبغي لغيره، فلا نعلم ان قبرا لصاحبِيٍّ قد رُفِعَ
وَعُظِّمَ فِي عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولَم نره طاف بقبر ابنه
ابراهيم، وهو جزء منه، بل شدد النكير فِي أيامه الأخيرة، وأطلق التحذير،
خشية اتِّخاذ قبره مكانا مقدسا، تصرف له العبادات وتقدم له القربات، فكيف
بقبر غيره؟! (3) وروى البخاري (436) ومسلم (531) فِي «صحيحيها» من حديث
عائشة وعبدالله بن عباس رضي الله عنهما قالا: لَما نُزِلَ رسول الله صلى
الله عليه وسلم طَفِقَ يطرح خَميصةً له على وجهه، فاذا اغتم كشفها عن وجهه،
فقال وهو كذلك: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم
مساجد»، يُحذِّرُ مثلَ ما صنعوا. كل ذلك افرادا لله عز وجل بالعبودية وحده،
لا شريك له، ونبذ الشرك ووسائله، والدعوة الى ما دعا اليه.
الاتباع والامتثال يُغِيظان المُخالفين والمستهزئين
ثانيا: وان كان السبب الانزعاج من الاتباع: قال تعالى:
{قُلْ
ان كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}
(آل عمران: 31) فهذه دعوة لاتِّبَاعِهِ، ونجيب النبي صلى الله
عليه وسلم قائلين: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}، فعلينا امتثال طريقته والسير
على
نَهجه والعمل بشرعته، ونقول لأعدائه ولكل مستهزئ به: {قُلْ مُوتُوا
بِغَيْظِكُمْ}، لقد دعا الى الاقتداء بما هو عليه كما روى البخاري فِي
صحيحه (631) من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: «صلوا كما رأيتمونِي أصلي». وهذا نص عام وخاص، دليل عام فِي
الاتباع في كل شرائع الاسلام، ودليل خاص فِي متابعته فِي الصلاة، فلا تكون
صلاة الأحناف ولا صلاة مالكية ولا صلاة شافعية ولا صلاة حنبلية، بل صلاة
كصلاة
من يستحق المتابعة وحده قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو الى
اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ
وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ} (يوسف: 108)، قال ابن كثير فِي التفسير:
وكلّ من اتبعه، يدعو الى ما دعا اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على
بصيرة
ويقين وبرهان شرعي وعقلي اهـ. وقال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ
رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ
رَبِّهِ أَحَدًا} (الكهف: 110)، والعمل لا يكون صالحا الا بشرطين: اصابته
للسنة وهذا يتحقق بالمُتابعة، واخلاص العمل وصرفه لله وحده، وهذا متحقق فِي
قوله: {وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.
مُخالفة المستهزئين، بالتميز وعدم التقليد
واتباعٌ بِمخالفة مُخالفيه: (1) روى البخاري (5892) ومسلم
(259) فِي صحيحيهما من حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلَّم: «خَالفُوا المُشركينَ». (2) وروى مسلم (260) فِي
صحيحه من حديث أَبِي هريرةَ رضيَ الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلَّم: «خَالفُوا المَجُوسَ». (3) وروى أبو داود فِي سننه (652) من
حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«خَالفوا اليهودَ فَانَّهم لا يصلون فِي نعالهم ولا خفافهم». (4) وروى
البخاري (3426) ومسلم (2103) في صحيحيها من حديث أبي هريرة رضي الله عنه،
ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ان اليهود والنصارى لا يصبغون
فخالفوهم». (5) وروى مسلم فِي صحيحه (2077) من حديث عبدالله بن عمرو بن
العاص رضي الله عنهما قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثوبين
معصفرين فقال: «ان هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها». وفِي هذا نوع من
التَّمَيُّزِ والعزة لأتباع سيد الأولين والآخرين.
قوة تردع المعتدين بالعقوبة الشرعية المستحقة أو صبر الأنبياء والمرسلين
وخاتمة القول فِي أمر الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه
وسلم، أو بشعيرة من شعائر الاسلام، فلا ينفك المسلمون من حالين، حال قوة أو
حال ضعفٍ ووَهْنٍ، فَان كنَّا نَملك قوة تتحرك لتأديب المُعتدين وكف أذاهم
وقطع دابر الفساد، فالعمل به هو المطلوب كما حصل مع كعب بن الأشرف فيما
رواه البخاري (3031) ومسلم (1801) فِي صحيحيها من حديث جابر بن عبدالله رضي
الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لكعب بن الأشرف
فانه قد آذى الله ورسوله». فقال محمد بن مسلمة: أنا، أَتُحب ان أقتله يا
رسول الله؟ قال: «نعم». وان كان الحال حال خلاف وتفرق كلمة وضعف، فلن تُجدي
تلك الاعتصامات والمظاهرات التي تحدث هنا وهناك وعلينا بالصبر قال تعالى:
{وَاصْبِرْ
عَلَى مَا يَقُولُونَ} (المزمل: 10)، وقال تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا الا
الذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا الا ذُو حَظٍّ
عَظِيمٍ} (فصلت: 50)، والعض على السنة فِي زمن الغربة، طريق يؤدي الى
النصر، ودليلنا ما رواه أحمد في المسند (126/4) وأصحاب السنن وصح عن
العرباض بن سارية رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، قلنا: يا رسول الله! ان
هذه لموعظة مودع، فماذا تعهد الينا؟ قال: «قد تركتكم على البيضاء ليلها
كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي الا هالك فانه من يعش منكم، فسيرى اختلافا
كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعَضوا عليها
بالنواجذ، واياكم ومحدثات الأمور، فان كل محدثة بدعة، وان كل بدعة ضلالة».
وفِي هذا المسلك والمَنهج ارضاء لله ربنا، واغاظة للحاقدين وأعداء الدين،
والحمد لله رب العالمين.