2011-09-22, 02:12
المعلومات الكاتب: اللقب:
جندى فعال
الرتبه:
الصورة الرمزية
البيانات احترام القوانين : عدد الرسائل 635 الجنس العمر 66 البلد : المنيا نقاط : 884
الإتصالات الحالة: وسائل الإتصال:
تفسير سورة البقرة الجزء الاول السلام عليكم و رحمة الله و بركاته [1 ـ 5] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ [من غير مستند شرعي] , مع الجزم بأن الله تعالى لم ينزلها عبثًا بل لحكمة لا نعلمها.{ذَلِكَ الْكِتَابُ} {لَا رَيْبَ فِيهِ} {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} والهدى: ما تحصل به الهداية من الضلالة والشبه، وما به الهداية إلى سلوك الطرق النافعة. وقال {هُدًى} وحذف المعمول, فلم يقل هدى للمصلحة الفلانية, ولا للشيء الفلاني, لإرادة العموم, وأنه هدىوقال في موضع آخر: {هُدًى لِلنَّاسِ} فعمم. وفي هذا الموضع وغيره {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} لأنه في نفسه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} فالمتقون هم المنتفعون بالآيات القرآنية, والآيات ولأن الهداية نوعان: هداية البيان, وهداية التوفيق. فالمتقون حصلت لهم الهدايتان, وغيرهم لم تحصل لهم [تامة]. {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} حقيقة الإيمان: هو التصديق التام بما أخبرت به الرسل, المتضمن لانقياد الجوارح، وليس الشأن في [الإيمان بـ] بجميع ما أخبر الله به من الغيوب الماضية والمستقبلة, وأحوال [وما أخبرت به الرسل من ذلك] فيؤمنون بصفات الله ووجودها,{وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} لم يقل: يفعلون الصلاة, أو يأتون بالصلاة, لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان بصورتها الظاهرة. فإقامة {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى وهي التي يترتب عليها الثواب. فلا ثواب للإنسان من صلاته, إلا ما عقل منها، {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} "من" الدالة على التبعيض, لينبههم أنه لم يرد منهم إلا جزءا يسيرا من {رَزَقْنَاهُمْ} إشارة إلى أن هذه الأموال التي بين أيديكم, ليست حاصلة بقوتكم وملككم, وإنما {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} فالمتقون يؤمنون بجميع ما جاء به {وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} "الآخرة" اسم لما يكون بعد الموت، وخصه [بالذكر] بعد العموم, لأن الإيمان باليوم الآخر, أحد "اليقين" هو العلم التام الذي ليس فيه {أُولَئِكَ} أي:{عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} أي: على هدى عظيم, لأن التنكير للتعظيم، وأي هداية أعظم من تلك الصفات [الحقيقية] إلا هدايتهم، وما سواها [مما خالفها] ، فهو ضلالة."على" في هذا الموضع, الدالة على الاستعلاء, وفي الضلالة يأتي ب ـ "في" كما في قوله: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} لأن صاحب الهدى مستعل بالهدى, مرتفع به, وصاحب {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [هو] الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب، حصر الفلاح فيهم؛ لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا [6 ـ 7] {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى {إِنَّ يخبر تعالى أن الذين كفروا, أي: اتصفوا بالكفر, وانصبغوا به, وحقيقة الكفر: هو الجحود لما جاء به الرسول, أو جحد بعضه، {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} أي: طبع عليها بطابع{وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} أي: غشاء وغطاء وأكنة تمنعها عن النظر الذي ينفعهم, وهذه طرق العلم {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وهذا عقاب عاجل. {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} وهو عذاب النار, وسخط الجبار المستمر الدائم.[8 ـ 10] {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا النفاق هو: إظهار الخير وإبطان الشر، ويدخل في هذا التعريف النفاق الاعتقادي, والنفاق (آية المنافق ثلات: إذا حدث كذب, وإذا وعد وفي رواية: (وإذا خاصم فجر). [من مكة] إلى المدينة, وبعد "بدر" وأظهر الله المؤمنين وأعزهم، ذل من في المدينة ممن لم يسلم, فأظهر {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فوصفهم الله بأصل النفاق فقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ فإنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، فأكذبهم الله بقوله: {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} لأن الإيمان والمخادعة: أن يظهر المخادع لمن يخادعه شيئًا, ويبطن خلافه لكي يتمكن من مقصوده ممن يخادع، [شيئًا] وعباده المؤمنون, لا يضرهم كيدهم شيئًا، فلا يضر المؤمنين أن أظهر المنافقون {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} والمراد بالمرض هنا: مرض الشك والشبهات والنفاق، لأن القلب يعرض له مرضان يخرجانه عن صحته واعتداله: مرض الشبهات الباطلة, ومرض الشهوات المردية، فالكفر [الفواحش و] المعاصي وفعلها, من {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} وهي شهوة الزنا، والمعافى من عوفي{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} بيان لحكمته تعالى في تقدير المعاصي {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} وقال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} فعقوبة المعصية, المعصية {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [11 ـ 12] {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ {قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} فجمعوا بين العمل بالفساد في الأرض, {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} حصر للإصلاح في جانبهم ـ وفي ضمنه أن المؤمنين ليسوا {ألا إنهم هم المفسدون} فإنه لا أعظم فسادًا ممن كفر فهل بعد هذا الفساد فساد؟ ولكن لا يعلمون علمًا ينفعهم, وإن كانوا قد علموا بذلك علما تقوم [وعبادته]، فإذا عمل فيها بضده, كان سعيا فيها بالفساد فيها, يتبع إن شاء الله
2011-09-22, 02:41
المعلومات الكاتب: اللقب:
جندى فعال
الرتبه:
الصورة الرمزية
البيانات احترام القوانين : عدد الرسائل 635 الجنس العمر 66 البلد : المنيا نقاط : 884
الإتصالات الحالة: وسائل الإتصال:
تفسير سورة البقرة الجزء الاول [13] {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} أنؤمن كما آمن السفهاء؟ يعنون ـ قبحهم الله ـ الصحابة رضي الله [في] دفع ما يضره، وهذه الصفة منطبقة على [الصحابة وصادقة عليهم، فالعبرة بالأوصاف والبرهان, لا بالدعاوى المجردة, والأقوال الفارغة. [14 ـ 15] {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ [ذلك] أنهم إذا اجتمعوا بالمؤمنين, أظهروا أنهم على {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} وهذا جزاء لهم, على استهزائهم بعباده، {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ} الآية.{وَيَمُدُّهُمْ} أي: يزيدهم {فِي طُغْيَانِهِمْ} أي: فجورهم وكفرهم، {يَعْمَهُونَ} أي: حائرون [16] {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} {الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} أي: رغبوا في فكيف من بذل جوهرة وأخذ عنها درهما؟ فكيف من بذل الهدى في مقابلة الضلالة, واختار الشقاء على السعادة, ورغب في سافل الأمور عن فما ربحت تجارته, بل خسر فيها أعظم خسارة. {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} تحقيق لضلالهم, وأنهم لم يحصل لهم من الهداية شيء, فهذه أوصافهم[17 ـ 20] {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي في ظلمات متعددة: ظلمة الليل, وظلمة السحاب, وظلمة المطر, والظلمة الحاصلة بعد النور, فكيف فكذلك هؤلاء المنافقون, استوقدوا نار الإيمان من المؤمنين, ولم تكن صفة [وبئس القرار]. [عنهم]: {صُمٌّ} أي: عن سماع الخير، {بُكْمٌ} [أي]: عن النطق به، {عُمْيٌ} عن{فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} لأنهم تركوا الحق بعد أن عرفوه, فلا يرجعون إليه، بخلاف من ترك {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} يعني: أو مثلهم كصيب، أي: كصاحب صيب من السماء، {فِيهِ ظُلُمَاتٌ} ظلمة الليل, وظلمة السحاب, وظلمات {وَرَعْدٌ} وهو الصوت الذي يسمع من السحاب، {وَبَرْقٌ} وهو الضوء [اللامع] المشاهد مع السحاب.{كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ} البرق في تلك الظلمات {مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} أي: وقفوا.{وَلَوْ أي: الحسية, ففيه تحذير لهم وتخويف بالعقوبة الدنيوية, ليحذروا, {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فلا يعجزه شيء، ومن قدرته أنه {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [21 ـ 22] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} والسماء: [هو] كل ما علا فوقك فهو سماء, ولهذا قال المفسرون: المراد {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ} كالحبوب, والثمار, من [وزروع] وغيرها {رِزْقًا لَكُمْ} به ترتزقون, وتقوتون وتعيشون وتفكهون.{فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} أي: نظراء وأشباها من المخلوقين, فتعبدونهم كما تعبدون الله, وتحبونهم كما {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أن الله ليس له شريك, ولا نظير, لا في الخلق,فكيف تعبدون معه آلهة أخرى مع علمكم بذلك؟ هذا من أعجب [ذكر] توحيد الربوبية, المتضمن لانفراده بالخلق [الله] لا {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} يحتمل أن المعنى: أنكم إذا عبدتم الله وحده, اتقيتم بذلك سخطه وعذابه, [23 ـ 24] {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ {وإن معشر المعاندين للرسول, الرادين دعوته, الزاعمين كذبه في شك واشتباه, مما نزلنا على هل هو حق أو غيره؟ فها هنا أمر نصف، فيه الفيصلة بينكم وبينه، وهو أنه بشر مثلكم, ليس [جلي] على صدقه وصدق ما جاء به, فيتعين عليكم [والشدة], أن كانت وقودها الناس والحجارة, {قُلْ وكيف يقدر المخلوق من تراب, أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب؟ أم كيف يقدر الناقص الفقير من هذا [بأنواع] الكلام, إذا وزن هذا {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ} إلى آخره, دليل على أن الذي يرجى له الهداية من الضلالة: [هو] {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} وفي مقام الإنزال، فقال: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} ونحوها من الآيات, دليل لمذهب أهل السنة والجماعة, أن الجنة والنار {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} فلو كان [عصاة الموحدين] يخلدون فيها, لم تكن معدة للكافرين وحدهم، [25] {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا {وَبَشِّرِ} أي: [يا أيها بقلوبهم {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} بجوارحهم, فصدقوا إيمانهم {أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ} أي: بساتين جامعة من الأشجار العجيبة, والثمار الأنيقة, والظل المديد, [والأغصان والأفنان وبذلك] صارت جنة يجتن بها داخلها, وينعم فيها ساكنها.{تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} أ ي: أنهار الماء, واللبن, والعسل, والخمر، يفجرونها كيف شاءوا, {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} أي: هذا من جنسه, وعلى وصفه, {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} قيل: متشابها في الاسم, مختلف الطعوم وقيل: متشابها في اللون, مختلفا {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} فلم يقل: "مطهرة من العيب الفلاني" ليشمل فهن مطهرات الأخلاق, مطهرات الخلق, مطهرات اللسان, مطهرات الأبصار، فالمبشِّر: والمبشَّر: هم المؤمنون العاملون والمبشَّر به: هي الجنات الموصوفات بتلك الصفات، والسبب الموصل لذلك, هو الإيمان [وثمراتها], فإنها بذلك تخف يتبع إن شاء الله b]
2011-09-22, 03:06
المعلومات الكاتب: اللقب:
جندى فعال
الرتبه:
الصورة الرمزية
البيانات احترام القوانين : عدد الرسائل 635 الجنس العمر 66 البلد : المنيا نقاط : 884
الإتصالات الحالة: وسائل الإتصال:
تفسير سورة البقرة الجزء الاول [26 ـ 27] {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مثلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مثلًا مَا} أي: أيَّ مثل كان {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فيتفهمونها، ويتفكرون فيها.{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مثلًا} فيعترضون ويتحيرون، فيزدادون كفرا إلى كفرهم، {يُضِلُّ بِهِ كثيرًا وَيَهْدِي بِهِ كثيرًا} فهذه حال {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ فلا أعظم نعمة على العباد من نزول الآيات القرآنية، ومع [وضلالة] وزيادة شر إلى شرهم، ولقوم منحة [ورحمة] وزيادة خير إلى {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} والفسق نوعان: نوع مخرج من الدين، وهو الفسق المقتضي للخروج من الإيمان; كالمذكور في هذه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} وهذا يعم العهد الذي بينهم وبينه والذي بينهم وبين عباده الذي أكده عليهم بالمواثيق الثقيلة والإلزامات، فلا يبالون بتلك المواثيق; بل ينقضونها ويتركون أوامره ويرتكبون نواهيه; وينقضون العهود التي بينهم وبين الخلق.{وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} وهذا يدخل فيه أشياء كثيرة، فإن الله أمرنا أن نصل ما بيننا {فَأُولَئِكَ} أي: من هذه صفته {هُمُ الْخَاسِرُونَ} في الدنيا والآخرة، فحصر الخسارة فيهم; لأن {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} فهذا [كان] العبد بصدد تحصيله وهو تحت إمكانه.[28] ثم قال تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} وهل هذا إلا جهل بل الذي يليق بكم أن تؤمنوا به وتتقوه وتشكروه وتخافوا عذابه; وترجوا ثوابه.[29] {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أي: خلق لكم, برا بكم ورحمة, جميع ما على الأرض, [تحريمها أيضًا] يؤخذ من فحوى الآية, ومعرفة المقصود منها, {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} اسْتَوَى} ترد في القرآن على ثلاثة معاني: فتارة لا تعدى بالحرف، فيكون معناها, الكمال والتمام, {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} وتارة تكون بمعنى "علا" و "ارتفع" وذلك إذا "على" كما في قوله تعالى: {ثم استوى على العرش} {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} وتارة "قصد" كما إذا عديت ب ـ "إلى" كما في هذه الآية، أي: لما خلق تعالى الأرض, قصد {فسواهن سبع سماوات} فخلقها وأحكمها, وأتقنها, {وهو بكل شيء عليم} فـ يعلم السر وأخفى. {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ لأن خلقه للمخلوقات, أدل دليل على علمه, وحكمته, وقدرته. [30 ـ 34] {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} بالمعاصي {وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [و] هذا [شدة] مفسدة القتل، وهذا بحسب ظنهم أن الخليفة المجعول في الأرض {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} أي: ننزهك التنزيه اللائق بحمدك وجلالك، {وَنُقَدِّسُ لَكَ } {إِنِّي أَعْلَمُ} من هذا الخليفة {مَا لَا تَعْلَمُونَ} ؛ لأن كلامكم بحسب ما ظننتم, {عَلَّمَ آدَمَ أي: أسماء الأشياء, وما هو مسمى بها، فعلمه الاسم والمسمى, أي: الألفاظ والمعاني, {ثُمَّ عَرَضَهُمْ} أي: عرض المسميات {عَلَى الْمَلَائِكَةِ} امتحانا لهم, هل يعرفونها أم لا؟. {فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} في قولكم وظنكم, أنكم أفضل من هذا الخليفة.{قَالُوا سُبْحَانَكَ} أي: ننزهك من الاعتراض منا عليك, ومخالفة أمرك. {لَا عِلْمَ لَنَا} بوجه من {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} العليم الذي أحاط علما بكل {يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} أي: أسماء المسميات التي عرضها الله على الملائكة; {فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} تبين للملائكة فضل آدم عليهم; وحكمة الباري وعلمه في {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السموات وَالْأَرْضِ} وهو ما غاب عنا; فلم {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ} أي: تظهرون {وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى} امتنع عن السجود; واستكبر عن أمر الله وعلى آدم، قال: {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} وهذا الإباء منه والاستكبار; نتيجة الكفر الذي هو منطو عليه; فتبينت حينئذ عداوته لله [35 ـ 36] {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ {حَيْثُ شِئْتُمَا} أي: من أصناف الثمار والفواكه;{إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} نوع من أنواع شجر الجنة; الله أعلم بها، وإنما نهاهما عنها امتحانا وابتلاء [أو لحكمة غير معلومة لنا] {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} دل على أن النهي للتحريم; لأنه رتب عليه الظلم. {وَقَاسَمَهُمَا} بالله {إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} فاغترا به وأطاعاه; فأخرجهما مما كانا فيه {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} أي: آدم وذريته; أعداء لإبليس وذريته، ومن المعلوم أن العدو; يجد ويجتهد {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} أي: مسكن وقرار، {وَمَتَاعٌ انقضاء آجالكم, ثم تنتقلون منها للدار التي خلقتم لها, وخلقت لكم، ففيها أن مدة هذه الحياة, {فَتَلَقَّى آدَمُ} {فَتَلَقَّى آدَمُ} أي: تلقف وتلقن, وألهمه الله {مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} وهي قوله: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} الآية، {فَتَابَ} الله {عَلَيْهِ} ورحمه {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ} لمن تاب إليه وأناب.وتوبته نوعان: توفيقه أولا, ثم قبوله للتوبة إذا اجتمعت شروطها ثانيًا.{الرَّحِيمِ} بعباده, ومن رحمته بهم, أن وفقهم للتوبة, وعفا عنهم وصفح.[38 ـ 39] {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى} أي: أيَّ وقت وزمان جاءكم {فمن تبع هداي} منكم, بأن آمن برسلي وكتبي, واهتدى بهم, وذلك بتصديق جميع أخبار {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} {أولئك أصحاب النار} أي: الملازمون لها, ملازمة الصاحب لصاحبه, والغريم لغريمه، {هُمْ فِيهَا لا يخرجون منها، ولا يفتر عنهم العذاب ولا هم ينصرون. يتبع إن شاء الله
2011-09-22, 03:34
المعلومات الكاتب: اللقب:
جندى فعال
الرتبه:
الصورة الرمزية
البيانات احترام القوانين : عدد الرسائل 635 الجنس العمر 66 البلد : المنيا نقاط : 884
الإتصالات الحالة: وسائل الإتصال:
تفسير سورة البقرة الجزء الاول ثم شرع تعالى يذكِّر بني إسرائيل نعمه عليهم وإحسانه فقال:[40 ـ 43] {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} المراد بإسرائيل: يعقوب عليه السلام، والخطاب مع فرق بني إسرائيل, الذين{اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي وهو يشمل سائر النعم التي سيذكر في هذه السورة بعضها، والمراد بذكرها بالقلب {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} وهو ما عهده إليهم من الإيمان به, وبرسله وإقامة شرعه.{أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} وهو المجازاة على ذلك.والمراد بذلك: ما ذكره الله في قوله: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا إلى قوله: {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} : {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ} وهو {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} أي: {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} إشارة إلى أنكم إن لم تؤمنوا به, عاد ذلك عليكم, بتكذيب ما {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} {أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} أبلغ من قوله: {ولا تكفروا به} لأنهم إذا كانوا أول كافر به, كان فيه {وَلَا تَشْتَرُوا وهو ما يحصل لهم من المناصب والمآكل, التي يتوهمون انقطاعها, إن آمنوا بالله {وَإِيَّايَ} أي: لا غيري {فَاتَّقُونِ} فإنكم إذا اتقيتم الله وحده, أوجبت لكم تقواه, تقديم الإيمان بآياته {وَلَا تَلْبِسُوا} أي: تخلطوا {الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ} فنهاهم عن شيئين, عن خلط الحق {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} أي: ظاهرا وباطنا {وَآتُوا الزَّكَاةَ} مستحقيها، {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِ ينَ} {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} أي: صلوا مع المصلين, ففيه الأمر بالجماعة للصلاة ووجوبها، وفيه [44] {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ} أي: بالإيمان والخير {وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} أي: تتركونها عن أمرها بذلك، {وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} وأسمى العقل عقلا لأنه يعقل به ما ينفعه من الخير, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ وليس في الآية أن الإنسان إذا [45 ـ 48] {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو {وَإِنَّهَا} أي: الصلاة {لَكَبِيرَةٌ} أي: شاقة {إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} فإنها سهلة عليهم والخشوع هو: خضوع القلب وطمأنينته, وسكونه لله تعالى, وانكساره بين يديه, ذلا وافتقارا, وإيمانا به وبلقائه.{الَّذِينَ يَظُنُّونَ} أي: يستيقنون {أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} فيجازيهم بأعمالهم {وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ فهذا الذي خفف عليهم العبادات وأوجب لهم التسلي في المصيبات, ونفس عنهم الكربات, {لَا تَجْزِي} فيه، أي: لا تغني {نَفْسٌ} ولو كانت من الأنفس الكريمة {عَنْ نَفْسٍ} ولو كانت من العشيرة الأقربين {شيئًا} لا كبيرا ولا صغيرا وإنما{وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا} أي: النفس, شفاعة لأحد بدون إذن الله ورضاه عن المشفوع له, ولا يرضى من {وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} أي: فداء {ولو أن ولا يقبل منهم ذلك {وَلَا هُمْ أي: يدفع عنهم المكروه، فنفى الانتفاع من الخلق بوجه من الوجوه، فقوله: {لَا تَجْزِي هذا في تحصيل المنافع، {وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} هذا في دفع المضار, فهذا النفي {ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل} هذا نفي للنفع الذي يطلب ممن يملكه بعوض, كالعدل, أو[49 ـ 57] {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} {يَسُومُونَكُمْ} أي: يولونهم ويستعملونهم، {سُوءَ أي: أشده بأن كانوا {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ} خشية نموكم، {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} أي: فلا {وَفِي ذَلِكم} أي: الإنجاء {بَلَاءٌ} أي: إحسان {مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} فهذا مما يوجب عليكم الشكر والقيام بأوامره.{وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} عالمون بظلمكم, قد قامت عليكم الحجة, فهو أعظم جرما وأكبر إثما.{لَعَلَّكُمْ الله.{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} وهذا غاية الظلم والجراءة على الله وعلى {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ} إما الموت أو الغشية العظيمة، {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} وقوع ذلك, كل ينظر {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وهو اسم جامع لكل رزق حسن يحصل بلا تعب، ومنه الزنجبيل والكمأة والخبز {وَالسَّلْوَى} طائر صغير يقال له السماني، طيب اللحم، فكان ينزل عليهم من المن والسلوى ما يكفيهم {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} أي: رزقا لا يحصل نظيره لأهل المدن المترفهين, فلم يشكروا{وَمَا ظَلَمُونَا} يعني بتلك الأفعال المخالفة لأوامرنا لأن الله لا تضره معصية العاصين, كما لا تنفعه {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} فيعود ضرره عليهم.[58 ـ 59] {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ {سجدا} أي: خاضعين ذليلين، وبالقول وهو أن يقولوا: {حِطَّةٌ} أي أن يحط عنهم خطاياهم {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} بسؤالكم المغفرة، {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} بأعمالهم, أي: جزاء عاجل وآجلا.{فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا} منهم, ولم يقل فبدلوا لأنهم لم يكونوا كلهم بدلوا {قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} فقالوا بدل حطة: حبة في حنطة، استهانة بأمر الله, واستهزاء وإذا بدلوا القول مع خفته فتبديلهم للفعل من {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} منهم {رِجْزًا} أي: عذابا {مِنَ السَّمَاءِ} بسبب فسقهم يتبع ان شاء الله
2011-09-22, 05:06
المعلومات الكاتب: اللقب:
جندى فعال
الرتبه:
الصورة الرمزية
البيانات احترام القوانين : عدد الرسائل 635 الجنس العمر 66 البلد : المنيا نقاط : 884
الإتصالات الحالة: وسائل الإتصال:
تفسير سورة البقرة الجزء الاول [60] {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} إما حجر مخصوص معلوم عنده, وإما اسم جنس، {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ وقبائل بني إسرائيل اثنتا عشرة قبيلة، {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ} منهم {مَشْرَبَهُمْ} أي: {كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ} أي: الذي آتاكم من غير سعي ولا تعب، {وَلَا أي: تخربوا على وجه الإفساد. {لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ} {فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ أي: نباتها الذي ليس بشجر يقوم على ساقه، {وَقِثَّائِهَا} وهو الخيار {وَفُومِهَا} {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى} وهو الأطعمة {بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} وهو المن والسلوى, فهذا غير لائق بكم، فإن هذه الأطعمة التي طلبتم, فكيف {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} التي تشاهد على ظاهر أبدًانهم {وَالْمَسْكَنَةُ} بقلوبهم، فلم {وَبَاءُوا بِغَضَبٍ أي: لم تكن غنيمتهم التي رجعوا بها وفازوا, إلا أن رجعوا بسخطه عليهم, فبئست الغنيمة {ذَلِكَ} الذي استحقوا به غضبه {بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} الدالات على الحق الموضحة لهم, {يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} {بِغَيْرِ الْحَقِّ} زيادة شناعة, وإلا فمن المعلوم أن قتل النبي لا يكون بحق, لكن لئلا يظن {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا} بأن ارتكبوا معاصي الله {وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} على عباد الله, فإن المعاصي يجر [منهم] أنهم ليسوا من أهل الصبر ومكارم الأخلاق, ومعالي الأعمال، فإذافكيف الظن بالمخاطبين؟" .[62] ثم قال تعالى حاكما بين الفرق الكتابية: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ [63 ـ 64] {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ {إِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ} وهو العهد الثقيل المؤكد بالتخويف لهم, برفع الطور فوقهم وقيل لهم:{خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ} من التوراة {بِقُوَّةٍ} أي: بجد واجتهاد, وصبر على أوامر الله، {وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} عذاب الله وسخطه, أو لتكونوا من أهل التقوى.{تَوَلَّيْتُمْ} وأعرضتم, وكان ذلك موجبا لأن يحل بكم أعظم العقوبات، ولكن {لَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [65 ـ 66] {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا {الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ} وهم الذين ذكر الله قصتهم مبسوطة في {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} الآيات.{قِرَدَةً خَاسِئِينَ} حقيرين ذليلين.{نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا} أي: لمن حضرها من الأمم, وبلغه خبرها, ممن هو في{وَمَا خَلْفَهَا} أي: من بعدهم, فتقوم على العباد حجة الله, وليرتدعوا عن معاصيه, ولكنها لا [67 ـ 74] {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا} فقال نبي الله: {أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} فإن : {ادْعُ ما سنها؟ {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ} أي: كبيرة {وَلَا بِكْرٌ} أي: صغيرة {عَوَانٌ بَيْنَ واتركوا التشديد والتعنت.{قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} أي: شديد {تَسُرُّ من حسنها.{قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} فلم نهتد إلى ما تريد {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ أي: مذللة بالعمل، {تُثِيرُ الْأَرْضَ } بالحراثة {وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ} {مُسَلَّمَةٌ} من العيوب أو من العمل {لَا شِيَةَ فِيهَا} أي : لا لون فيها غير لونها {قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} أي: بالبيان الواضح، وهذا من جهلهم, وإلا فقد جاءهم بالحق أول مرة، فلو "إن شاء الله" لم يهتدوا أيضًا إليها، {فَذَبَحُوهَا} أي: البقرة التي وصفت بتلك الصفات، {وَمَا كَادُوا بسبب التعنت الذي جرى منهم.{لعلكم تعقلون} فتنزجرون عن ما يضركم.{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ} أي: اشتدت وغلظت, فلم تؤثر فيها الموعظة، {مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} أي: من بعد ما أنعم {كَالْحِجَارَةِ} التي هي أشد قسوة من الحديد، لأن الحديد {أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} أي: إنها لا تقصر عن قساوة الأحجار، وليست "أو" بمعنى "بل" ثم ذكر {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فبهذه الأمور فضلت قلوبكم. ثم توعدهم تعالى أشد {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} بل هو عالم بها حافظ لصغيرها وكبيرها, وسيجازيكم (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم) فإذا كانت [75 ـ 78] {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا فكيف يرجى منهم إيمان لكم؟! فهذا من أبعد الأشياء.{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} فأظهروا لهم الإيمان قولا {وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ} فلم يكن عندهم أحد من غير أهل دينهم، {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} أي: أتظهرون لهم الإيمان وتخبروهم أنكم مثلهم, فيكون ذلك حجة لهم عليكم؟ {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} أي: أفلا يكون لكم عقل, فتتركون ما هو حجة عليكم؟ هذا يقوله بعضهم لبعض.{أَوَ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} فهم وإن أسروا ما يعتقدونه فيما بينهم, وزعموا {وَمِنْهُمْ} أي: من أهل الكتاب {أُمِّيُّونَ} أي: عوام, ليسوا من أهل العلم، {لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أي: ليس لهم حظ من كتاب الله إلا التلاوة فقط, وليس عندهم خبر بما عند الأولين الذين [79] {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ {هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} وهذا فيه إظهار {لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} والدنيا كلها من أولها إلى {فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ} أي: من التحريف {وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} من الأموال، والويل: شدة العذاب والحسرة, وفي ضمنها الوعيد الشديد.{أَفَتَطْمَعُونَ} إلى {يَكْسِبُونَ} فإن الله ذم الذين [80 ـ 82] {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ {قُلْ} لهم يا أيها الرسول {أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ أي بالإيمان به وبرسله وبطاعته, فهذا الوعد الموجب لنجاة صاحبه الذي لا يتغير ولا يتبدل. {أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}؟ فأخبر تعالى أن صدق دعواهم متوقفة على أحد هذين الأمرين {بَلَى} أي: ليس الأمر كما ذكرتم, فإنه قول لا {مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً} وهو نكرة في سياق الشرط, فيعم الشرك فما دونه، والمراد به هنا {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} أي: أحاطت بعاملها, فلم تدع له منفذا, وهذا لا يكون إلا {فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وقد احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية, وهي {وَالَّذِينَ آمَنُوا} بالله وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ولا تكون : أن تكون خالصة لوجه الله, متبعا بها سنة رسوله.[83] {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا إلى آخر الآية.{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} هذا من قسوتهم أن كل أمر أمروا به, استعصوا؛ فلا يقبلونه {لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} هذا أمر بعبادة الله وحده, ونهى عن الشرك{وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} أي: أحسنوا بالوالدين إحسانا، وهذا يعم كل إحسان قولي وفعلي مما هو وللإحسان ضدان: الإساءة, وهي أعظم جرما، وترك الإحسان بدون إساءة, وهذا محرم, لكن لا يجب {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} ومن القول الحسن أمرهم بالمعروف, {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} {ثُمَّ} بعد هذا الأمر لكم بهذه الأوامر الحسنة التي إذا نظر إليها البصير العاقل, عرف أن من إحسان {تَوَلَّيْتُمْ} على وجه الإعراض، {إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ} هذا استثناء, لئلا يوهم أنهم تولوا كلهم، فأخبر أن قليلا منهم, عصمهم الله [84 ـ 86] {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ} وهو فداء الأسير {وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} وهو القتل {فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وقد وقع ذلك فأخزاهم الله, {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} أي: أعظمه {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} {أُولَئِكَ الَّذِينَ توهموا أنهم إن لم يعينوا حلفاءهم حصل لهم عار, فاختاروا النار على{فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} بل هو باق على شدته, ولا يحصل لهم راحة بوقت من {وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} أي: يدفع عنهم مكروه.[87] {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} أي: قواه الله بروح القدس. {بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ} عن الإيمان بهم،{كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} فقدمتم الهوى على الهدى, وآثرتم الدنيا على الآخرة، وفيها من[88] {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ} {بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ} أي: أنهم مطرودون ملعونون, بسبب كفرهم، فقليلا المؤمن منهم, أو[89 ـ 90] {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ {وللكافرين عذاب مهين} أي: مؤلم موجع, وهو صلي الجحيم, وفوت النعيم المقيم، فبئس الحال [91 ـ 93] {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ {قَالُوا نُؤْمِنُ أي: بما سواه من الكتب، مع أن الواجب أن يؤمن بما أنزل الله {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ }{وَهُوَ الْحَقُّ} فإذا كان هو الحق في جميع ما اشتمل عليه من الإخبارات, {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} أي: موافقا له في كل ما دل عليه من الحق ومهيمنا عليه.فلم تؤمنون بما أنزل عليكم, وتكفرون بنظيره؟ هل هذا إلا تعصب واتباع للهوى لا للهدى؟ أليس هذا من الحماقة والجنون؟ فكان كفرهم بالقرآن, كفرا بما في أيديهم ونقضا له.{قُلْ} لهم: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ ، {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ} أي: بعد مجيئه {وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا} أي: سماع قبول وطاعة {قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} أي: صارت هذه حالتهم {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} بسبب {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} أي: أنتم تدعون الإيمان وتتمدحون بالدين الحق, وأنتم وما هذا الدين؟. يتبع إن شاء الله
2011-09-22, 05:50
المعلومات الكاتب: اللقب:
جندى فعال
الرتبه:
الصورة الرمزية
البيانات احترام القوانين : عدد الرسائل 635 الجنس العمر 66 البلد : المنيا نقاط : 884
الإتصالات الحالة: وسائل الإتصال:
تفسير سورة البقرة الجزء الاول [94 ـ 96] {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ {قُلْ} لهم على وجه تصحيح دعواهم: {إِنْ يعني الجنة {خَالِصَةً مِنْ كما زعمتم, أنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى, وأن النار لن {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} وهذا نوع مباهلة بينهم وبين إلا أحد أمرين: إما أن يؤمنوا بالله ورسوله، {وَلَنْ } من الكفر والمعاصي, لأنهم يعلمون أنه طريق لهم إلى المجازاة بأعمالهم {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} وهذا أبلغ ما يكون من الحرص, {وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} تهديد لهم على المجازاة بأعمالهم.[97 ـ 98] {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى [99] {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} .{وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} تحصل بها الهداية لمن استهدى, [100] {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} "كُلَّمَا" تفيد التكرار, فكلما وجد العهد ترتب عليه النقض، ما السبب في ذلك؟ السبب أن أكثرهم لا {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ }[101 ـ 103] {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ {نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ} {وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} وهذا أبلغ في الإعراض كأنهم في فعلهم {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} أي: بتعلم {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} بذلك.{يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} من إضلالهم وحرصهم على إغواء بني آدم، وكذلك اتبع اليهود السحر الذي {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى} ينصحاه, و {يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} أي: لا تتعلم السحر فإنه {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} مع أن محبة الزوجين {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} وفي هذا دليل على أن والإذن نوعان: إذن قدري، وهو المتعلق بمشيئة {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ وفي هذه الآية وما أشبهها أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير، فإنها تابعة للقضاء والقدر {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ فهذا السحر مضرة محضة, فليس له داع أصلا, فالمنهيات كلها إما مضرة [104 ـ 105] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ * {رَاعِنَا} أي: راع أحوالنا, {وَقُولُوا انْظُرْنَا} فإنها كافية يحصل بها المقصود من غير {وَاسْمَعُوا} لم يذكر المسموع, ليعم ما أمر باستماعه، فيدخل فيه سماع القرآن, وسماع السنة {أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ} أي: لا قليلًا ولا كثيرًا {مِنْ رَبِّكُمْ} حسدا منهم, وبغضا لكم أن يختصكم {ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} ومن فضله عليكم, إنزال الكتاب على رسولكم, ليزكيكم ويعلمكم [106 ـ 107] {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ النسخ: هو النقل, فحقيقة النسخ نقل المكلفين من حكم مشروع, إلى حكم آخر, أو إلى إسقاطه، وكان {أَوْ نُنْسِهَا} أي: ننسها العباد, فنزيلها {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} وأنفع لكم {أَوْ مِثْلِهَا} {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَلَمْ فما له والاعتراض؟ [108 ـ 110] {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ {كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} والمراد بذلك, أسئلة {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} فهذه ونحوها, هي المنهي عنها.{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ ويقررهم عليه, كما في قوله {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} و {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} {وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ وسعوا في ذلك, وأعملوا المكايد, وكيدهم راجع عليهم [كما] قال تعالى: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ وهذا من {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الله] بالاشتغال في الوقت الحاضر, بإقامة الصلاة, وإيتاء الزكاة وفعل كل القربات، {إِنَّ [111 ـ 112] {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ قال اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، وقالت النصارى : لن يدخل الجنة إلا من كان {بَلَى} أي: ليس بأمانيكم ودعاويكم, ولكن {مَنْ أي: أخلص لله أعماله, متوجها إليه بقلبه، {وَهُوَ} مع إخلاصه {مُحْسِنٌ} في عبادة {فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} وهو الجنة بما اشتملت عليه من النعيم، {وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} فحصل لهم المرغوب, ونجوا من المرهوب.[113] {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ [114] {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ {وَسَعَى} أي: اجتهد وبذل وسعه {فِي خَرَابِهَا} الحسي والمعنوي، فالخراب الحسي : هدمها والخراب المعنوي: منع الذاكرين لاسم الله فيها، وهذا عام, لكل من اتصف بهذه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [115] {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} خصهما بالذكر, لأنهما محل الآيات العظيمة, فهما مطالع الأنوار{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا} وجوهكم من الجهات, إذا كان توليكم إياها بأمره, إما أن يأمركم باستقبال الكعبة بعد {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} فيه إثبات الوجه لله تعالى, على الوجه اللائق به تعالى, وأن لله ـ 117] {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السموات وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ * بَدِيعُ {وَقَالُوا} أي: اليهود والنصارى والمشركون, وكل من قال ذلك: {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} فنسبوه إلى ما لا{سُبْحَانَهُ} أي: تنزه وتقدس عن كل ما وصفه به المشركون والظالمون مما لا يليق بجلاله، فسبحان {بَلْ لَهُ مَا فِي السموات وَالْأَرْضِ} فكيف مع هذا, يكون هذا من أبطل الباطل وأسمجه.والقنوت نوعان: قنوت عام: وهو قنوت الخلق كلهم, تحت تدبير الخالق، وخاص: وهو قنوت العبادة.فالنوع الأول كما في هذه الآية، والنوع الثاني: كما في قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} {بَدِيعُ السموات وَالْأَرْضِ} أي: خالقهما على وجه قد أتقنهما وأحسنهما على غير مثال سبق.{وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} فلا يستعصى عليه, ولا يمتنع منه.[118 ـ 119] {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ {أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ} يعنون آيات {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ الآية، وقالوا: {لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} {قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} فهذا مشتمل على الآيات التي جاء بها, وهي ترجع إلى ثلاثة أمور: الأول: في نفس إرساله, والثاني : في سيرته وهديه ودله، والثالث: في معرفة ما جاء به من القرآن والسنة.{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ} والثالث دخل في قوله: {بِالْحَقِّ} وبيان الأمر الأول وهو ـ نفس إرساله ـ أنه قد علم حالة أهل الأرض قبل بعثته ـ صلى الله عليه وسلم وأما الثاني: فمن عرف النبي ـ وأما الثالث: فهو معرفة ما جاء به ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الشرع العظيم, والقرآن الكريم, {بَشِيرًا} أي لمن أطاعك بالسعادة الدنيوية والأخروية، {نَذِيرًا} لمن عصاك بالشقاوة والهلاك {وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} أي: لست مسئولا عنهم, إنما عليك البلاغ, وعلينا الحساب.[120] {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ {إِنَّ هُدَى اللَّهِ} الذي أرسلت به {هُوَ الْهُدَى} {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} أي: يتبعونه والتلاوة: الاتباع، فيحلون حلاله, ويحرمون حرامه, ويعملون بمحكمه, ويؤمنون {نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه} {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} وقد تقدم تفسير الآية التي بعدها.يتبع إن شاء الله
2011-09-22, 06:06
المعلومات الكاتب: اللقب:
جندى فعال
الرتبه:
الصورة الرمزية
البيانات احترام القوانين : عدد الرسائل 635 الجنس العمر 66 البلد : المنيا نقاط : 884
الإتصالات الحالة: وسائل الإتصال:
تفسير سورة البقرة الجزء الاول [124 ـ 125] {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ أي: يقتدون بك في الهدى, ويمشون خلفك إلى سعادتهم الأبدية, ويحصل لك الثناء الدائم, {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} أي: لا ينال فأين الظلم وهذا المقام؟ {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً أي: مرجعا يثوبون إليه, لحصول منافعهم الدينية والدنيوية, يترددون إليه, ولا يقضون منه {و} جعله {أَمْنًا} يأمن به كل أحد, حتى الوحش, وحتى الجمادات كالأشجار.{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} يحتمل أن يكون المراد بذلك, المقام المعروف الذي قد جعل الآن, وهي من الطواف, والسعي, والوقوف بعرفة, ومزدلفة ورمي الجمار والنحر, وغير ذلك من {مُصَلًّى} أي: معبدًا, أي: اقتدوا به في شعائر الحج، ولعل هذا المعنى أولى, {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} أي: أوحينا إليهما, وأمرناهما بتطهير بيت الله من الشرك, والكفر{لِلطَّائِفِينَ} فيه {وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحرام] ، ثم الاعتكاف, لأن من شرطه المسجد إليه لفوائد، منها: أن ذلك يقتضي شدة اهتمام إبراهيم وإسماعيل بتطهيره, لكونهومنها: أن الإضافة تقتضي التشريف والإكرام، ففي ضمنها أمر عباده بتعظيمه وتكريمه.ومنها: أن هذه الإضافة هي السبب الجاذب للقلوب إليه.[126] {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ {وَمَنْ كَفَرَ} أي: أرزقهم كلهم, مسلمهم وكافرهم، أما المسلم فيستعين بالرزق على عبادة الله, {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ} أي: ألجئه وأخرجه مكرها {إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [127 ـ 129] {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} أي: علمناها على وجه الإراءة والمشاهدة, ليكون أبلغ. يحتمل أن يكون المراد بالمناسك: أعمال الحج كلها, كما يدل عليه السياق والمقام، ويحتمل أن يكون المراد ما هو أعم {وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} أي: في ذريتنا {رَسُولًا مِنْهُمْ} ليكون أرفع لدرجتهما, ولينقادوا له, وليعرفوه {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ} لفظا, وحفظا, وتحفيظا {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} معنى.{وَيُزَكِّيهِمْ} بالتربية على الأعمال الصالحة والتبري من الأعمال الردية, التي لا تزكي النفوس معها. {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ} أي: القاهر لكل شيء, الذي لا يمتنع على قوته شيء. {الْحَكِيمُ} الذي يضع (أنا دعوة أبي إبراهيم) .[130 ـ 134] {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي {عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ} بعد ما عرف من فضله {إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} أي: جهلها وامتهنها,{وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا} أي: اخترناه ووفقناه للأعمال, {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} الذين لهم أعلى الدرجات.{إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ} امتثالا لربه {أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} إخلاصًا وتوحيدًا, ومحبة, وإنابة {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ} أي: اختاره وتخيره لكم, رحمة بكم, وإحسانا إليكم, فقوموا {أَمْ كُنْتُمْ أي: حضورا {إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} أي: مقدماته وأسبابه، فقال لبنيه على وجه {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي}؟ فأجابوه بما قرت به{نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا} فلا نشرك به شيئًا, ولا {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} فجمعوا بين التوحيد والعمل. {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} أي: مضت {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ} أي: كل له عمله, هل تصلح للنجاة أم لا؟ [135] {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} {بَلْ} نتبع {مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} أي: مقبلا على الله, معرضا عما سواه, يتبع إن شاء الله
2011-09-22, 06:22
المعلومات الكاتب: اللقب:
جندى فعال
الرتبه:
الصورة الرمزية
البيانات احترام القوانين : عدد الرسائل 635 الجنس العمر 66 البلد : المنيا نقاط : 884
الإتصالات الحالة: وسائل الإتصال:
تفسير سورة البقرة الجزء الاول [136] {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى {قُولُوا} {قُولُوا} إشارة إلى الإعلان بالعقيدة, والصدع بها, {آمَنَّا} ونحوه مما فيه صدور الفعل, منسوبا إلى جميع {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} إلخ دلالة على جواز إضافة الإنسان إلى "أنا ونحوه, فإنه لا يقال إلا مقرونا بالاستثناء بالمشيئة, لما فيه من تزكية النفس, {آمَنَّا بِاللَّهِ} أي: بأنه موجود, واحد أحد, متصف بكل صفة {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} يشمل القرآن والسنة لقوله تعالى: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} فيدخل فيه الإيمان بما تضمنه {وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ} إلى آخر الآية، فيه الإيمان بجميع الكتب {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} أي: بل نؤمن بهم كلهم، هذه {وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ} دلالة على أن عطية الدين, {مِنْ رَبِّهِمْ} إشارة إلى أنه من كمال ربوبيته لعباده, أن {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كثيرًا} {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} أي: خاضعون لعظمته, منقادون لعبادته, {لَهُ} على العامل وهو {مُسْلِمُونَ} أنواع التوحيد توحيد الربوبية, وتوحيد الألوهية, وتوحيد الأسماء والصفات، واشتملت على [137] {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ {بمثل ما آمنتم به} ـ يا معشر المؤمنين ـ {فَقَدِ للصراط المستقيم, الموصل لجنات النعيم، أي: فلا سبيل لهم إلى الهداية, إلا بهذا {كونوا هودا أو نصارى تهتدوا} فزعموا أن الهداية خاصة بما كانوا عليه، و "الهدى" هو فالمشاق: هو الذي يكون في شق [138] {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} . {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} أي: لا أحسن صبغة من صبغته.{وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} بيان لهذه الصبغة, وهي القيام بهذين "العبادة" اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال, {وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} فوصفهم باسم الفاعل الدال على الثبوت [139] {قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ} المحاجة هي: المجادلة بين اثنين فأكثر, تتعلق بالمسائل الخلافية, حتى يكون كل من الخصمين يريد[140] {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} فالله يقول: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ وهم يقولون: بل كان يهوديا أو نصرانيا.{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} فهي شهادة عندهم, مودعة من الله, لا أليس هذا أعظم الظلم؟ بلى والله, وسيعاقبهم عليه أشد العقوبة، فلهذا {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} بل قد أحصى أعمالهم, وعدها [141] ثم قال تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا تم بحمد الله تفسير الجزء الأول
2011-09-23, 11:27
المعلومات الكاتب: اللقب:
جندى نشيط
الرتبه:
الصورة الرمزية
البيانات احترام القوانين : عدد الرسائل 381 الجنس نقاط : 591
2011-09-23, 11:43
المعلومات الكاتب: اللقب:
جندى مشارك
الرتبه:
الصورة الرمزية
البيانات احترام القوانين : عدد الرسائل 156 الجنس نقاط : 156
الــرد الســـريـع
تفسير سورة البقرة الجزء الاول
2011-09-22, 02:12
