وقد سأل الصحابة رضوان الله عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ( هل
نرى ربنا يوم القيامة ؟فقال: هل تضارون في رؤية الشمس أو القمر إذا كنت
صحوا ؟ قلنا : لا ، قال فأنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون
في رؤيتهما
).
ثانيا :
رضوان الله على أهل الجنة :
و الرضوان : الرضا الكثير و لما كان أعظم الرضا رضا الله سبحانه خص لفظ الرضوان في القران بما كان من الله تعالى .
و
إذا كان رضا الله على العبد في الدنيا في أن يراه "مؤتمر لأمره و منتهيا
عن نهيه " فأن رضا الله عن أهل الجنة في الآخرة أن لا يسخط عليهم أبدا .
وروى الإمام مسلم عن أبي سعيد ألخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (
إن الله يقول لأهل جنته يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا و سعديك و الخير
في بيديك فيقول : هل رضيتم ؟فيقولون: لا نرضى يا رب و قد أعطيتنا ما لم تعط
أحد من خلقك فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون :يا رب و أي شيء أفضل
من ذلك فيقول :أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا
) . وهذا الرضوان من الله على أهل جنته هو من أعظم النعم وهو يؤدي إلى
طمأنينة أهل الجنة وراحتهم و انشراح صدورهم مما يزيد من تنعمهم و سرورهم .
ثالثا :
طمأنينة أهل الجنة و رضاهم :
و الطمأنينة و الاطمئنان :"السكون بعد
الانزعاج . و معنا رضوان المؤمنين عن الله كما قال المفسرون : أي رضاهم
بهذا الجزاء الذي أثابهم الله به .
و من مظاهر طمأنينتهم نضارة وجوههم و نعومتها وسرورها و استبشارها قال تعالى { إ
ن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف و وجوههم نظرت النعيم
}، ومن أسباب رضاهم و طمأنينتهم خلودهم في الجنة و الأمن من الموت ، و من
الأسباب ما يجدونه في الجنة من عدم اللغو و الكذب بل الكل يسبحون و
يستمتعون بنعمة قال تعالى {
لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة و عشيا
}.
رابعا:
عدم الخوف و الحزن و الذلة:
لما كان رضوان الله أكبر من كل شيء
ورضي المؤمنين بما أثابهم الله و أطمئنت قلوبهم و زكت نفوسهم فقد وعدهم
الله زيادة في أمنهم أن لا يخافوا و لا يحزنوا و لا ترهق وجوههم القترة و
قد بشر الله أهل الجنة بعدم الخوف في جنته فقال تعالى {
يا عباد لا خوف عليكم اليوم و لا أنتم تحزنون
} . و هذا نداء من الله عز وجل يوم القيامة
لعباده المسلمين أن لا يخافوا بل عليهم الاطمئنان و الهدوء و السكينة لأنهم
خافوا من الله في الدنيا فجعل الأمن لهم في الآخرة قال سبحانه {
إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في
ما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر و تتلقاهم الملائكة هذا
يومكم الذي كنتم توعدون
} فأهل الجنة لا يخافون من أي هول بل هم آمنون في جنة عاليه أما الحزن فقال سبحانه على لسان أهل الجنة {
قالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور
} ولماذا يغتم أهل الجنة و يحزنون ألم يدخلهم
الله جنته ألم يبيض وجوههم ألم يعطيهم كل ما يشهون ألم ينعم عليهم فيغفر
لهم ؟إذن لماذا يحزنون وقد آمنهم الله أن عليهم أن يفرحوا فرحة لم يفرحوا
من قبل بمثلها و قد حمى الله أهل الجنة من الذل فقال {
الذين أحسنوا الحسنى وزيادة و لا يرهق وجوهم قتر ولا ذلة
}
خامسا :
دعاء أهل الجنة :
طلب الله من عباده في الدنيا أن يدعوه فقال سبحانه {
ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين
}و الدعاء يكون في الدنيا لطلب حاجة أو لدفع ضر .
أما في الجنة فأن الدعاء تسبيح الله و تحميده على ما أفاض من النعم عليهم و ما أعطاهم من الكرامة و المثوبة فقال تعالى {
دعواهم فيها سبحانك اللهم و تحيتهم فيها سلام و لآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين
} .
فكما كانت لتهج ألسنتهم بدعاء الله و
استغفاره و طلب الجنة و رضوانه فأنها في الآخرة تسبيحه و تنزيهه و تديم
الحمد لله سبحانه و تعالى.