إلى من يختصرون التاريخ . إلى من يريدون محو صفحات مضيئة من تاريخ الأمة . إلى الحاقدين على الوطن . إلى من يقومون بتخطي وتزييف وتشويه نضال الشعوب العربية . إلى من يقدمون للعدو خدمات غير مدفوعة الأجر وأحياناً مدفوعة . إليهم أقدم ومضات سريعة على سجل حافل من الكرامة العربية . يعجز التاريخ عن حصره بأكمله أو إحصائه . هذا السجل لشعب دفع ومازال يدفع فاتورة العروبة حتى الآن . أنهم رجال 48 ورجال 56 وهم من ذاقو طعم المرارة في 67 وأذاقوا العدو الزل والهوان في سنوات حرب الإستنزاف . وهم أبطال العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 73 وهم من كسروا غطرسة وغرور العدو الصهيوني في ( 6 ) ساعات . إليكم أخواني وأخواتي أتقدم بهذه الحلقات وأتمنى من الله أن تنول ولو القليل من رضاكم
=======================================
النكسة
الزمان : 5/6/1967 الساعة الخامسة والنصف صباحاً . المكان : القصر
الجمهورى . كالعادة استيقظ الزعيم ( عبد الناصر ) من نومه . صلى الفجر.
المقيمين في القصر من حرس وخلافه يتحركون كالنحل . لا تصدر عنهم
الأصوات . كل منه يعرف ما هو منوط به .
حرس رقم ( 1 ) : هذا الرجل لم يسمع عن اختراع جديد أسمه النوم ؟
حرس رقم ( 2 ) : الله يكون في عونه فهو يحمل رأساً بدخلها هموم وطن
بأكمله .
حرس ( 1 ) أنا لم أعترض فأنا أحبه كأبي ولكن لو يترك الأمة لحكامها
ويفكر في البلد ألم يكن هذا راحة له ولنا في نفس الوقت .
حرس ( 2 ) : أنني أشفق على هذا الرجل فمنذ تم ترحيلي من وحدتي
العسكرية لأكون حرس جمهوري وأنا لا أراه ينام لمدة ساعتان متواصلتان .
حرس ( 1 ) عدل من هندامك بسرعة فهو قادم من الحديقة علينا .
عبد الناصر : السلام عليكم كيف حالكم يا أولاد .
حرس ( 1 ) و( 2 ) في صوت واحد : وعليكم السلام ورحمة الله
وبركاته ... الحمد الله يا سيادة الريس .
عبد الناصر ملتفتاً إلى حرس ( 1 ) : أنا زرت قريتكم أمس يا
مصطفى ... ياترى شاهدتها في التليفزيون ؟
حرس ( 1 ) : رأيت سيادتك ياريس وأبي هو الذي أعطى لك ورقة ملفوفة
في الموكب ياريس ... لقد رأيت ذلك في التليفيزيون .
عبد الناصر : لماذا لم تقول لي من قبل أن أبوك شاعر وثوري أيضاً
لقد قرأت القصيدة التى كتبها وجلست أقرأها طوال الليل ... أتعرف ماذا
يطلب أبوك في قصيدته يا مصطفى ؟
حرس ( 1 ) : أكيد ياريس طلب تعيين أخي محمود أو طلب نقلي لوحدة
عسكرية قريبة من قريتنا فأنا أعرفه فهو يحب أولاده بجنون مثلما نحبه
نحن أيضاً .
عبدالناصر : لا يا مصطفى أبوك مصري أصيل وأكبر من هذا . أنه طلب
مني تحرير القدس وكل فلسطين وطلب مني توزيع السلاح على كل
الشعب وأن أسمح لهم بالمسير حتى فلسطين ليحرروها من الصهاينة .
حرس ( 1 ) : لا تلقي بالا له ياريس فأبي رجل بسيط ويستسهل كل
الأمور .
عبد الناصر : لا يأولادي فهؤلاء الناس هم مصر ولا وجود لها إلا بالله ثم
بهم فهم قلبها النابض شرايينها التي تضدخ لها الدم .
وهنا ظهر قائد الحرس قادماً يجري مرتبكاً . أدى التحية العسكرية
للرئيس . ومال على أذنه وأسر فيها بأمر . تغيرت تقاسيم وجه عبد
الناصر على أثرها . وتركنا وأخذ يهرول على درجات السلم ويردد
عملولها أولاد الـ ...... ( أحضروا لي عبد الحكيم بسرعة ) .
وهنا دوى صوت أحد القادة . حرس سلاااااااااااااااح . جرى كل منا
بسرعة إلى مكانه . فهذا النداء لا نسمعه إلا لأهمية قسوى أو حالة الخطر .
وهنا حدث هرج ومرج . عربات عسكرية وغير عسكرية حضرت بسرعة إلى
القصر. نزل ضباط وقادة كبار كثيرون من السيارات . دخلوا القصر
مهرولين . سمعت أحدهم يقول : لقد بحثنا عن حكيم في كل مكان ولم نجده .
كل هذا ونحن لا نعرف ماذا يحدث حولنا . حضر قائد سرية الحرس وقال لنا
افتحوا عيونكم . البلد في خطر . لقد بدأت الحرب . والصهاينة يضربون
جميع المطارات ومحطات الدفاع الجوي ومراكز السيطرة الآن .
إلى الحلقة القادمة بإذن الله